اللقاء المشترك: "نموذج للأعمال السياسية الموحدة" لقد تبلورت وظهرت فكرة اللقاء المشترك كاطار سياسي ينظم وينسق، ويوحد الاعمال السياسية المشتركة بين اطراف (احزاب، تنظيمات، تجمعات) لم يكن احد يتصور ويتوقع ان يجمعها في يوم من الايام جامع، بفعل ما كان بينها، من ضغائن،و إحن واحقاد، وحروب متعددة التسميات، والعناوين، من الايديولوجي، الى الديني، الى الثأر السياسي التاريخي، وصولاً للتخوين، والتكفير الديني، فضلاً عن إرث تاريخي مديد غير حميد – خاصة بين الاشتراكي، وتجمع الاصلاح – ومن هنا القيمه، والتحدي، والصعوبة الواقعية لإمكانية التلاقي، ناهيك عن التنسيق، والتحالف لاحقاً في اطار سياسي تنظيمي مشترك، كما تجلى لاحقاً في صورة اللقاء المشترك، والملفت للانتباه، والسؤال: كيف تمكنّا معاً – أقصد الاشتراكي، والاصلاح – من ردم فجوة هائلة وعميقة من تاريخ خصومة سياسية، وعداوة ايديولوجية، تخللتها حروب عسكرية طيلة سنوات السبعينيات، والثمانينيات، حتى حرب 1994م؟! كيف تمكنا هذان الحزبان تحديداً من تجاوز او تخطي كل ذلك، خاصة وانه لم يمض على تفجير حرب 1994م (اللاوطنية)، سوى سنتين أو اقل، ففي العام 1996م بدأت المداولات والمشاورات الجنينيه في هذا الاتجاه والتي اثمرت في العام 1996م شكل ومضمون اللقاء المشترك، وهو ما يعني ان الصراع، والحروب فيما بينهما، لم تكن دواعيها واسبابها ايديولوجية، ودينية، بقدر ما كان ذلك ذريعة وغطاء، وخلفية شعاراتية، ومن أن الصراع والاختلاف، والحروب والتكفير الديني، كانت تقف وراءه وخلفه اسباب سياسية، تتركز حول قضية السلطة، والثروة،-وذلك لا ينفي الاختلاف الايديولوجي- وهو ما يؤكد أنه في السياسة، ليس هناك عداوات دائمة، وحروب دائمة، بل هناك ابداً ودائماً مصالح، تجمع، وتفرق، وفي تصوري الشخصي ان اللقاء المشترك، هو من اهم واعظم الاعمال السياسية المشتركة، وهو انجاز سياسي، تنظيمي كفاحي، تاريخي، لم يُقرأ، ولم تُستوعب بعد قيمته السياسية، والعملية، والوطنية، والكفاحية التاريخية، لأنه حتى الان لم يُدرسْ، ويقيّم كما يجب، وفقاً للسياق السياسي، والوطني، والتاريخي، الذي ظهر، وعمل، وقَدّم فيه اللقاء المشترك دوره، واسهاماته السياسية، والتنظيمية، والاهم مساهماته النظرية، والفكرية، والسياسية، في قراءة وتحليل، وتشريح الواقع خلال الفترة 1999م - 2012م على وجه الخصوص، لقد ارتفع اللقاء المشترك من خلال وثائقه النظرية، والفكرية، والسياسية، والبرنامجية، بالأعمال السياسية المشتركة بين اطرافه الى مستوى رفيع وراق، ومتقدم، قدم خلالها اللقاء المشترك اسهامات ومساهمات ذات معنى، وقيمه يُعتد بها، مساهمات فكرية، وبرنامجيه، وسياسية وعملية، يصلح البناء عليها، وليس نقضها بالقطع معها، وكأن شيئاً لم يكن، وكان لقيادة حزبنا دور هام في كل ذلك، وبدون أي تحفظ يمكنني القول ان تكتل اللقاء المشترك، كان قفزة نوعية في الفكر، والتفكير السياسي، والعملي، كما انه قدم تشكيلة جميلة لصورة من صور التسامح لسياسي، بين مكوناته، تمكنوا معاً، من ازاحة العامل والشرط الايديولوجي، جانباً والذهاب للأعمال والاهداف السياسية مباشرة، وكان للشهيد جار الله عمر دور محوري في اقناع الجميع بذلك الاندفاع، وتحفيزهم في ذلك الاتجاه، فبعد عامين او ثلاثة اعوام على حرب 1994م "اللاوطنية"، وجدت الاطراف السياسية المختلفة نفسها تتوحد وتتجمع في مواجهة تحديات هي الاخطر على الراهن، وعلى كل المستقبل - في حينه - تحديات خطيرة كانت مؤشراتها ماثلة في: إعداد وتهيئة النظام نفسه لنقل السلطة "ولاية العهد" باسم الديمقراطية الى ابن الرئيس السابق، والاخطر توجه النظام وادواته الامنية، والسياسية، والاستخباراتية، للاستفراد بالأحزاب، حصارها، وقمعها، والعمل في السير باتجاه شقها، واختراقها، وشراء البعض منها، - ترغيب، وترهيب - حتى تصفية بعض رموزهم بالاغتيالات، ومن هنا كان اللقاء المشترك اطار لمواجهة تحديات النظام الوحشية، وشكل من اشكال حمايتها لنفسها، وتعزيز مكانتها، وقوة فعلها في الواقع، وهو - اللقاء المشترك - الى جانب كل ذلك جسد في الواقع حالة ناضجة ورائعة، من حالات ممارسة التعددية السياسية، والقبول بالآخر، والتأسيس لقيم ومبادئ الاعمال السياسية المشتركة. ان اللقاء المشترك على كل جوانب قصوره، وما قد يقال فيه من سلبيات في الاداء، الا اننا لا نستطيع تجاهل ما جسده ومثله في الواقع من حالة حوار، وقبول بالتعدد والتنوع، والاعتراف بالآخر، ومن حالة تسامح سياسي لا مثيل لها، بين مكونات سياسية، وتجمعات، احتربت فيما بينها، وكفر بعضها البعض الاخر، وخون بعضها البعض الاخر، وهي بحق تجربه تستحق منا الدرس النقدي، لقراءتها، وتقييمها، سلباً، وايجاباً، - ماضياً، وراهناً - علما ان محاولات النظام القديم/ الجديد لشقه، وتفكيكه، وتدميره، وتحويله الى حالة الاصطراع والاحتراب القديم لم تتوقف حتى اللحظة، وفي تقديري ان نخب اللقاء المشترك - بدرجات متفاوتة - لم تدرك أهمية ودور مكانة هذا الاطار التنسيقي، والتحالفي، وعليها ان لم تستطع في اللحظة الراهنة، البناء عليه والنهوض به، فلا تتحول -معا - معاول هدم وتدمير لما تبقى منه، والعمل للحفاظ عليه كإطار لاستمرار الاعمال السياسية المشتركة، حيثما كان ذلك ممكنا. ان اللقاء المشترك لم يأتي من فراغ، هو نتاج عملية صراعيه سياسية، ذات طابع تاريخي، بدأت خطواتها العملية بصورة سياسية ملموسة مع اعلان قيام الوحدة اليمنية، والاختلافات التي تجلت حول مواقف الاحزاب، من قضية الوحدة اليمنية، ومن حول قضية دستور دولة الوحدة، وتحديدا بين القوى السياسية المدنية الحداثية، والجماعات الدينية المتشددة والمتطرفة، كان فيها الاتفاق والاختلاف على قضايا عديدة منها: الاختلاف على قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية، على اساس القانون رقم (66) لسنة 1991م، وفي هذا السياق كان الحزب الاشتراكي قد تقدم بمبادرات سياسية، ديمقراطية في داخله قبل قيام الوحدة، في اقراره "الوثيقة النقدية التحليلية، لتجربة الثورة في جمهورية اليمن الديمقراطية، (86 - 1987م) تم فيها تقديم قراءة نقدية تقييمية لتجربته في السياسة، والعمل الديمقراطي، وفي الجانب الاقتصادي، بجمعه بين الاقتصاد الموجه، واقتصاد السوق، حتى اعلانه الحياة السياسية التعددية قبيل الوحدة، وكلنا ما يزال يتذكر صدى الحوار النقدي حول الوثيقة التي قدمها الشهيد جار الله عمر حول "التعددية" التي فتحت المجال واسعا لمناقشة قضايا السياسة، والديمقراطية، والحزب الواحد، ودور الحزب الثوري، وجميعها مقدمات سياسية فكرية فتحت طريق جدي حول التعددية، والدولة، ودور الحزب، والوحدة السلمية الديمقراطية، وربط الديمقراطية والتعددية بالوحدة، ومشاركة الاحزاب، وعلنيتها، وقد لعب الحزب الاشتراكي بعد الوحدة دورا ملحوظا في صياغة وتعديل واضافة قضايا ومواد جوهرية في قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية، ومعه كل القوى المدنية الحداثية، منها فصل السياسة، والعمل الحزبي، عن نشاط (المسجد)، وكذا ابتعاد النشاط الحزبي عن عمل المؤسسات التعليمية، وهي قطعا خطوة نوعية متقدمة في هذا الاتجاه ساعدت في تقارب رؤى الاحزاب المدنية، وتفاهمها على تجنيب الايديلوجية تحت اي مسمى (مذهبي/ ديني/ طائفي/ قومي، اشتراكي) ورفض توظيف ذلك في النشاط الممارسة السياسية، وهنا من المفيد الاشارة الى أن تجربة العمل الحكومي المشترك قربت أكثر بين الاشتراكي، وتجمع الاصلاح، - وهذا المعنى سمعته شخصيا من البرلماني عبدالرحمن بافضل، ومن آخرين - وهي تجربة رغم تعقيد المرحلة، والظرف اعطت ثمار طيبة، فلم تشهد العلاقة بين الاشتراكي الاصلاح أي توترات أو صدامات أو احتكاكات سلبية في الاداء الاداري، التنفيذي، كما كان البعض يتوقع اكدت لهما أن إمكانية التفاهم والتلاقي السياسي فيما بينهما اوسع واكبر مما كانت تصوره الايديولوجية(في طابعها العصبوي)، ومسافة البعد، وتاريخ الخصومة، المهم أن لا نحشر الايديولوجية (الدين) فيما لا يعنيه، أي في قلب الممارسة السياسية، ونفس النتيجة كانت حاصلة في العمل البرلماني، وهي في تقديري تطورات سياسية وعملية ايجابية، جاءت حرب 1994م اللاوطنية لتقطع معها، وتوقفها، حيث تصدرت المواجهة الايديولوجية/ الدينية، وطغت على السياسة، ولم يكد البعض يفق من نشوة النصر في حربه الاهلية على جزء من الوطن، حتى وجد نفسه في دائرة الاقصاء، والحصار، والقمع، والحرب السياسية المباشرة وغير المباشرة، بعد ان استكمل علي عبدالله صالح دورته على نفسه في الاستيلاء على الحكم ومعه جماعته العائلية، والطغمة المالية، والعسكرية الضيقة، وهو ما افرز تعارضات سياسية جديدة بين الاصلاح، وعلي صالح، تطور تدريجيا حتى خروج الاصلاح من الحكومة، واعادة تشكيل حكومة الحزب الواحد، وحين قرر علي عبدالله صالح الذهاب للانتخابات عام (2006م) منفردا والتحلل من كل الالتزامات والاتفاقات، والحوارات، ودون ترتيب أو تفاهم مع احد، بما فيه حزب الاصلاح، وأعد نفسه وجماعته لاحتكار المشهد السياسي قاطبة، وتهميش جميع المكونات، حينها اقتنع الجميع ان "تحالف الحرب" وصل الى نهايته السياسية، والعملية، في اغتصاب دولة الوحدة، واحتكار الحكم، وادركوا - بدرجات متفاوته - أهمية وضرورة التفاهم والتنسيق فيما بينهم لكسر حالة الحصار، السياسي، والامني، وقطع طريق امام محاولة علي صالح الاحتكار المطلق للسلطة، وتوريث الجمهورية، ومصادرة المشهد السياسي، وما تبقى من هامش السماح الديمقراطي، وكان ذلك بداية طريق عملي، للتفاهم، والتنسيق الحزبي السياسي، على ما تراكم - على محدوديته - وهنا كان توقيع حزب التجمع اليمني للاصلاح، على صيغة البرنامج التنفيذي للقاء المشترك لضمان انتخابات حره ونزيهة في 27/ 8/ 1996م وهي البداية الاولى التنسيقية السياسية لقيام اطار اللقاء المشترك لاحقا، والتي انتجت وافرزت في سياق العمل السياسي، والكفاحي المشترك أكثر من وثيقة فكرية، وسياسية، وبرنامجية متقدمة، بما فيها "وثيقة الانقاذ"، وأكثر من شكل لمواجه الاستبداد العائلي، ومحاولة احتكار السلطة، وصولا لرفض التوريث ومقاومته السياسية، والاعلامية. ولا استطيع ان اقرأ في تجربة اللقاء المشترك وتحديدا منذ العام 2006م، وما بعدها، سوى عملية سياسية ونضالية متقدمة، على ما كان، وان بقي وظل نشاط المعارضة وحركتها محصورا في حدود الحركة السياسية الضيقة (سياسيا، واعلاميا) ولم يصل فعلها ونشاطها لتحريك الشارع، لأن ذلك في تقديري فوق طاقتها، وقدرتها، وارادة الفعل لديها جميعا، وبهذا المعنى تحدد دور المكونات، واللقاء المشترك، الذي مهد موضوعيا، وسياسيا، بصورة او بأخرى لتحفيز دور وفعل الحراك الجنوبي السلمي، الذي وقف الحزب الاشتراكي الى صفه سياسيا، وجماهيريا، واعلاميا-كان الى حد بعيد مشاركآ وداعمآ وحاضرآ في جميع فعالياته الجماهيريه سوا على مستوى القياده او القواعد- وجميع هذه التفاعلات والتراكمات هي من ساهم وساعد موضوعيا، وذاتيا، في تقريب موعد الانفجار الثوري، في صورة ثورة الشباب والشعب في فبراير 2011م، فثورة الشباب والشعب، وان كانت نقلة سياسية ثورية شعبية تاريخية جديدة، تجاوزت حدود ونطاق فعل المكونات السياسية التقليدية، واللقاء المشترك، على انها كثورة ليست نبتا من فراغ، ولا هي حالة ثورية منبته عن ما قبلها، هي موضوعيا، لحظة قطع، وتواصل ثوري ابداعي مع ما كان، من فعل ومن تراكم، ولكن بصورة شعبية وثورية جديدة وحدت لأول مرة بين السياسة، والفضاء السياسي، وبين الشارع (الجماهير) متجاوزة سقف العمل السياسي في حدوده الاعلامية، والسياسية، المنحصرة في البيانات، والاجتماعات، والندوات، في الغرف المحصورة بمقرات الاحزاب، او الفنادق، ويمكنني القول أن انتخابات 2006م (الرئاسية والمحلية) وتوافق جميع المكونات السياسية المعارضة في اطار اللقاء المشترك على خوض الانتخابات موحدين ضد "التأبيد" وبداية "التوريث" على طريق احتكار الحكم الجمهوري في عائلة صالح، هي اول نقلة سياسية (حركية) عملية بعد تشكيل اللقاء المشترك في اتجاه الاعمال السياسية الموحدة الكبيرة، واتفاقهم على مرشح انتخابي واحد للرئاسة، ومن الرموز السياسية، والتكنوقراطية، النزيهة، والشريفة من ابناء الجنوب، (فيصل بن شملان) كانت كذلك خطوة ثانية سياسية، وعملية في اتجاه التحرر من اسر العمل السياسي التقليدي، ثم اتباع كل ذلك باقامة مهرجانات سياسية تميزت بالطابع الجماهيري، والشعبي الواسع، كانت الخطوة الثالثة باتجاه ربط السياسية، بالناس، وحركتهم وبالفعل السياسي الجماهيري (الشارع)، وهي أول حالة كسر للطابع السياسي الفئوي في نشاط المعارضة السياسية التقليدية التاريخية، وهو ما اثار حفيظة النظام وذعرة وخوفه من مشهد الحشد الجماهيري النوعي والشعبي الواسع، في العديد من المحافظات (صنعاء، أمانة العاسمة، حضرموت، عدن، وغيرها) وهي اول مرة تنزل الجماهير الشعبية بصورة كبيرة الى صناديق الانتخابات، لخوض معركة انتخابية تنافسية حول موقع ومنصب رئيس الجمهورية، وهو ما اكد فعليا ان الشعب كان بحاجة فقط الى من يلتقط همومة، ويحس به، ويقف الى جانبه، ويتبنى عبر الشارع قضاياه، واحتياجاته، وتطلعاته للحريه وللعدل، الاجتماعي، والمواطنة، وسلطة القانون، وتنمية المجتمع ومكافحة الفساد، على طريق قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وهي القضايا الجوهرية التي طرحها اللقاء المشترك في البرنامج الانتخابي للرئيس التنافسي، في مواجهة الرئيس "المؤبد". ان جميع ما سبق الاشارة اليه هو قفزة سياسية، ووطنية نوعية، في اسلوب، وطريقة ومضمون، ومنهج، إدارة اللقاء المشترك معارضته السياسية للحكم - دون الدخول في التفاصيل المؤكدة لذلك - والتي عززت وأكدت في الواقع أهمية وضرورة الاعمال السياسية المشتركة، في تجاوز حدية حاجز الايديولوجيات (الدينية، والقومية، واليسارية الثورية في غطائها ومضمونها الاحادي العصبوي). إن التجارب السياسية المعاصرة في تشكيل وقيام الاعمال السياسية المشتركة، بين مكونات الحياه السياسية المختلفة ايديولوجيا، هو الخلاصة المستفادة من تجارب العمل السياسي، والوطني في منطقتنا العربية، وفي تقديري أن اليمنيين الى حد معين (ما) تمكنوا من الاستفادة من كل ذلك، وحولوا تاريخ العداوة، والخصومة، (الاقصاء، الالغاء، التخوين، التكفير الديني، حتى الحرب العسكرية) إلى شكل راق من الحوار، والعمل السياسي المشترك، الذي انتقل بتاريخ الخصومة، والكراهية الايديولوجية، الى حالة رفيعة من القبول بالاخر، والمغاير، والى مرحلة من التنسيق حول قضايا سياسية، آنية، مرحلية، معينه - انتخابات - الى تنسيق حول قضايا سياسية وعملية اكبر (الفساد، التوريث) ثم الى ما يشبه التحالف، ثم الى التحالف السياسي، في صيغة اللقاء المشترك الذي كان لحزبنا، وقيادته الواعية، وخاصة من خلال الدور الريادي للشهيد جار الله عمر مهندس صياغة فكرة وقضية اللقاء المشترك، الذي دعمه في ذلك كل الحزب، وكافة مكونات الحياة السياسية المدنية، وهو العمل السياسي الكبير الذي كنا وما نزال بحاجة ماسة وجدية للوقوف أمام تجربته في العمل السياسي المشترك، بصورة نقدية، وعقلانية، وموضوعية، بعيدا عن الذاتية، وعن المهاترات، والمكايدات، والحسابات الصغيرة، فالاعمال السياسية المشتركة الكبيرة - وغيرها - بحاجة بين فترة وأخرى لتقييمها، وقراءتها (سلبا، وايجابا)، إما للنهوض بها وتطويرها، وتحسين ادائها، أو على الاقل الحفاظ على الايجابي فيها، والحفاظ على الشكل التنظيمي بانتظار تطويره، وترقيته، حيثما كان ذلك ممكنا، وليس القطع العدمي العبثي مع جزء اصيل وهام من تاريخنا السياسي، وعدم تشجيع أو السكوت على كل من يحمل معاول الهدم والتدمير لجزء من تاريخنا، ومن نضالنا، ومن جهد كفاحي سياسي مشترك لنا جميعا، خاصة ونحن نمر بمرحلة سياسية خطيرة واستثنائية(ثوره مضاده)، تستدعي فائض قوة، وليس تدمير وتفكيك ما تراكم بطريقة عبثية واعتباطية، هناك اليوم من يحاول إعادة تاريخ الحوار السياسي (التنسيق، والتحالف) والعلاقة، بين المكونات السياسية، الى نقطة الصفر، بتدمير وتفكيك ما تراكم - والذي ليس كله ايجابيا بالمطلق - وفيه من الايجابي الكثير، ويشترك في هذه المحاولات العبثية والعدمية، جماعات عديدة - بوعي قصدي، وبدون وعي - ومن كافة الاطراف، الذين لا يستريحون إلا على اريكة، وارضية افتعال الخلافات، لتحويلها الى تناقضات صراعية، والمثير للانتباه اختيارهم أو توقيتهم لذلك - في قلب الثورة المضادة - وفي وقت ما احوجنا فيه للاعمال السياسية الموحدة، وعلينا هنا ان نبحث عن المستفيد؟! كما يقولون في علم الجريمة. إن اللقاء المشترك كما انظر اليه وأقرئه هو أحد عناوين مهدت للربيع اليمني، وأرى فيه تجربة سياسية رائدة على المستوى العربي كله، وان الايجابي والمثمر فيه اكبر من السلبي، ومن هنا اهميته وضرورة قراءة وتقييم هذه التجربة بصورة موضوعية وعقلانية نقدية، بعيدا عن خطاب اعادة انتاج الماضي، أو استدعاء تاريخ الايديولوجية، والصراعات الماضوية، كما يذهب الى ذلك البعض. هل لم يتبق لنا وأمامنا في هذه المرحلة الخطيرة بتحدياتها الكبيرة، سوى خوض المعارك الذاتية الجانبية، سوى ما يفرق، ويبعث تاريخ الخصومة، وثقافة الكراهية والفتنة في أسوأ مظاهرها وتجلياتها؟! هل مهمتنا، ودورنا مساعدة مجانين السياسة، والوصوليين، واصحاب المشاريع الصغيرة في تحويل اختلافاتنا الى قطيعة، عدمية، وايصال الاختلافات، والتعارضات السياسية، الى حد المقاتلة الكلامية، والعنف اللفظي، والرمزي، بصورة مفتعلة، وبدون سياق موضوعي، (تحويل الحبة الى قبه)؟! (فالحرب أولها كلام)؟! هل لم يتبقى لنا من المهمات والادوار، والوظائف السياسة، سوى تحويل الشريك في الوطن، والمصير الى خصم، وعدو مطلوب إعداد العدة لمحاربته، واستدعاء في هذا الاتجاه تاريخ الخصومة السياسية، والايديولوجية، دون ما حاجة سياسية وموضوعية، وواقعية تستدعي كل ذلك؟! ان مشكلة البعض منا تتمثل في فقدانهم بوصلة ادارة الاختلاف، او تنظيم الاختلاف وحى الصراع السياسي ورفعهم للتعارضات الثانويه والتباينات السياسيه الطبيعيه، الى حالة تناقض رئيسي (خصومه، حرب ) وهو حديث موجه لمن يشتغلون في انتاج مثل هذا الخطاب من كافة اطراف مكونات الحياة السياسية. في تقديري لا يتسع الوقت للخصومة، والفتنة، والعداوة، وانتاج ثقافة الكراهية، فما ينتظرنا جميعا هو الأهم والاخطر، ما يستدعي قيام الاعمال والمبادرات السياسية الكفاحية المشتركة، ولو في حدها الادنى بالحفاظ على الايجابي مما كان، وليس القطع العدمي والعبثي والهدم مع ما كان، علينا ان نبني ونؤسس على ثقافة التراكم،والتواصل، والاتصال وليس القطيعه والهدم. المطلوب تحييد العنف بكافة اشكاله، بما فيه العنف اللفظي في الخطاب، الفائض عن الحاجة، وتأصيل وتعميق لغة الحوار، وثقافة العيش المشترك، ثقافة التسامح والتصالح على قاعدة الاقرار بشرعية الاختلاف، والحق في الخطأ، وخصوصية كل مكون سياسي ايديولوجيا، وتنظيميا، والامر ليس بحاجة سوى للتأسيس على ما كان ايجابيا، وازاحة السلبي، ومن هنا الدعوة لقراءة وتقييم ونقد تجربة اللقاء المشترك كخطوة في هذا الاتجاه، ومنع معاول الهدم والتفكيك والتدمير من ممارسة هوايتها المفضلة في هذا الاتجاه.وفي تقديري ان هذا الخطاب موجه لناجميعآ بدون إستثناء سواء في السلطه (الشرعيه) او في المعارضه، واهم من يعتقد اليوم انه ممكن ان يبني ويقود سفينة الوطن بمفرده سلطه، او رئيس اوجماعه ، ان المدخل السياسي الواقعي لتطوير وتعميق الشرعيه القائمه حتى لا تتأكل وتضعف وتنحسر هو تعميق صلاتها، وتنسيق اعمالها المشتركه مع جمي المكونات السياسيه في البلاد، حتى لانكرر اخطاء ومأسي النظام السابق في ادارة السلطه والدوله. والله من وراء القصد في العدد القادم موضوع جديد بعنوان: السلام وكفى!! قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة @aleshterakiNet