تاريخ 29 / 10 / 2006م يُلاحظ المرء أنه بعد كل عبادة جماعية في الإسلام كالحج والصيام يكون العيد، ولا يمكن أن يكون فرض الصوم فردياً؛ بمعنى أنه يُفرض على شخص ويسقط عن أشخاص؛ وإنما الصوم فريضة جماعية خاطب الله المؤمنين جميعاً لأدائه: «يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم» ثم يستثني من الجماعة الفرد الذي لا يستطيع الصوم أو لا يطيقه. وكذلك بالنسبة للحج، فلا يمكن أن يكون إلا جماعياً لقوله تعالى: «ولله على الناس حجُّ البيت من استطاع إليه سبيلا» ويلاحظ المرء أيضاً أن هاتين العبادتين أو هذين الركنين من أركان الإسلام عبادتان زمنيتان أو ركنان زمنيان، حُدد كل واحد منهما بزمن معين. يستخلص المرء من ذلك أن الإسلام دعوة للجماعة والوحدة وتنميط الشعور ليصبح واحداً، فالمسلم للمسلم كالجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، مع أن باقي الفروض والأركان الإسلامية تختلف، ليستطيع المسلم أداءها فردياً. لعل هذا الركن الرابع من أركان الإسلام وهو "الصوم" قد أسلمنا إلى عظة وفهم جيد لهذا الدرس التوحيدي، فخرجنا من فهمه إلى ضرورة الشعور بأهمية التوحد ونبذ الأنانية التي هي صفة فردية قبيحة صادرة عن أمراض نفسية وأحقاد اجتماعية. إن فريضة الصوم تذكّر بأهمية الوحدة التي هي اجتماع على أمر واحد، والعزم على تحقيق هدف واحد، والسير إلى غاية واحدة. وإذا كان رمضان قد ولّى وقد وفقنا الله فيه لأداء فريضة الصوم، فإنا نرجو الله أن نكون قد أكدنا العزم على أن نسير نحو تحقيق التنمية الاجتماعية في بلادنا، ولن تتحقق التنمية والسلام والاستقرار إلا بجهد جماعي، يشعر فيه الفرد أو الحزب أنه في ظل الشعور الواحد نستطيع جميعاً بلوغ الهدف. لقد كان رمضان هذا العام ذا مذاق مختلف، فلقد أعقب تجربة ديمقراطية تعززت بروح الجماعة التي تشهد إحداث تحول خطير في مسيرة الثورة باعتبار الديمقراطية ضمن أهدافها؛ ولذلك فإن كل صائم ينبغي أن يفقه هذه الفريضة أنها دعوة للأداء الجماعي، وأن الصوم غسيل روحي يزيل كل الركامات والأغبار التي من شأنها عرقلة عزيمتنا نحو التغيير إلى الأفضل.