أطلقت أمريكا قناة فضائية خاصة موجهة للأطفال من سن (2-4) سنوات، وهي مرحلة التربية المبكرة التي نقصدها في هذه التناولة، أو بمعنى آخر هي التربية قبل المدرسية. والتربية المبكرة ليست دعوة طارئة ولا فكرة حديثة، بل هي قديمة قدم الانسان وحق من حقوقه في الشرائع والقوانين، ففي الاعلان العالمي لحقوق الطفل الذي تبنته الأممالمتحدة بالاجماع عام 1959م، وردت الفقرة التالية: «من الواجب أن تتوافر للطفل وقاية خاصة وأن تتيسر له المكانات اللازمة عن طريق القوانين لجعله قادراً على النمو نمواً سليماً وسوياً على المستوى الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي وفي إطار ظروف تكفل له الحرية والكرامة». بعد ذلك بثلاثين عاماً وفي العام 1989م تبنت الأممالمتحدة «الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل» دعت فيه الدول الى إنشاء مؤسسات نظامية وغير نظامية توفر للطفل العناية اللازمة منذ مولده وتوفر ما يساعده على تنمية مواهبه وقابليته النفسية والجسدية للتعلم. كما أن الاعلان العالمي حول التربية للجميع الصادر عام 1990م في مؤتمر «جومتين» أكد على ضرورة أن تبدأ رعاية الطفل وتعليمه منذ الميلاد كون مرحلة الطفولة المبكرة جزءاً أساسياً من مرحلة التعليم الأساسي ويجب أن تتحمل هذه المسئولية الأسرة والمدرسة والمجتمع المدني. وفي عام 2000م أكد المنتدى العالمي للتعليم للجميع على مفهوم الاستيعاب وتحسينه وتوسيعه للأخذ بمنهج الرعاية الشاملة للطفل وأن التوجه العالمي في مجال الطفولة المبكرة قد تجاوز مفهوم إعداد الطفل للمرحلة الابتدائية ليصبح الهدف هو الرعاية المتكاملة والمبكرة بحيث لا يجب الانتظار الى سن المدرسة فرعاية الامكانات والقدرات منذ الميلاد هي أساس للتنمية السليمة وتوفير القاعدة المتينة للتعليم المستقبلي. وقد أكد تقرير اليونسيف (2001م) أن حق الطفل في برامج صحية فاعلة في التعليم والغذاء المناسب يجب أن يبدأ مبكراً وأن الاستثمار في برامج رعاية الطفولة واجب قومي له مردوده الفعال في المستقبل، وفي الدورة الاستثنائية لجمعية الأممالمتحدة حول الأطفال (2002م) أقرت وثيقة «عالم جدير بالأطفال» اهتمت بتأكيد ضرورة توفر معايير ومؤشرات خاصة بالرعاية والتنمية المبكرة للأطفال وضرورة توفير تعليم وتربية ذات جودة عالية للجميع.. وفي الدول العربية تم تنظيم مؤتمر اقليمي حول تطوير السياسات والممارسات لرعاية وتربية الطفولة المبكرة في الدول العربية عام (2004م) في القاهرة بالتعاون مع مكتب اليونسكو ببيروت وتمحور اللقاء حول حجم استيعاب الأطفال في هذه المرحلة بالمؤسسات التربوية في مختلف الدول العربية وأهمية تطوير وتوجيه السياسات والممارسات الأساسية لرعاية وتربية الطفولة المبكرة في الدول العربية عن طريق زيادة الاستيعاب واعتماد معايير الجودة وتتمثل عملية تحديد معايير الجودة لمؤسسات الطفولة بعداً له أهميته في تحقيق أهداف التربية.. فهذه المعايير تمثل أساساً يمكن أن يتم في ضوئه التأكد من كفاءة العملية التربوية في تلك المؤسسات، وتستند تلك المعايير على مجموعة من المبادئ والأسس أهمها: أ- أن تكون أساساً يمكن من خلاله إحداث تغير وتطوير يرتقي بالعمل مع الطفل. ب- أن تلتزم تلك المعايير بالمواثيق الدولية والقومية الخاصة بحقوق الطفل. ج- أن تسهم في تأكيد ضرورة توفر رعاية قادرة على مساعدة الطفل على التعامل مع المستجدات. د- أن تؤكد على نمط من الإدارة يرسخ مفاهيم القيادة والتميز وتعمل على تحقيق الجودة الشاملة. ه- أن تسهم في توفير مناخ تربوي يساعد على الوصول الى تعليم يحقق التميز والتنمية الشاملة. وللعلم بأن معدل استيعاب الأطفال في سن مبكرة في المؤسسات التربوية في الوطن العربي هو (19.6%) مقارنة مع المعدل العالمي (48.6%) وأن اليمن في العام 2001م لم يتعد استيعابها لهذه الفئة نسبة (1%) فقط على أهمية ما يبنى عليها ونتائج البحث العلمي في مجال الطفولة المبكرة وهو موضوعنا القادم إن شاء الله..