8 / 10 / 2006 م لعدنالمدينة التنويرية الرائعة، ولأهلها القادمين من كل اتجاه، ولعبق العادات والتقاليد اليمنية التي تلاقت فيها، وللثقافة المدنية المتنوعة شكل ومضمون وحراك ونكهة رمضانية مميزة جسدتها منارات ومنتديات ثقافية وفكرية، الكلمة الطيبة تتوهج، والحوار الهادئ المتنوع يفرض نفسه قاسماً مشتركاً على الجميع وبالجميع كي يفهم كل الآخر. خرجت عدن من خدرها لتمارس دورها الريادي، الإصرار والإرادة القوية أداتها الدافعة، معلنة أنها مازالت مدينة التنوير والتغيير معاً، الكل في عدن يعبّر عن آرائه ويطرح أفكاره بحرية وشفافية، لا ذعر، لا خوف ، لا قيود، لا توجس، الجميع يفكرون بالصوت المسموع، المنصف والمتحامل، الحزبي والمستقل، القارئ والمحلل، السياسي والاجتماعي، المثقف ومؤسسات المجتمع المدني، الكل في هذا المدينة يحزم أمتعته ليواصل المشوار إلى المستقبل. لعدن الجامعة رصيد كبير من العراقة والريادة العلمية والمعرفية والأكاديمية والزمنية حفرته في ذاكرة الزمن وعقول وكراسات ودفاتر الباحثين والمفكرين، ما لبثت تلك الريادة أن تعثرت بالصراعات والعبث الشللي والاحتواء المناطقي الذي أراد سحقها من الداخل، وإفراغها من أدوات ومفردات تفوّقها العلمي والأكاديمي، ومحاولة الفساد التعيس بكل وسائله إغراقها في وحل المهاترات، واستنزاف إمكانياتها لإعاقتها عن الفعل والنفع والإصلاح الوطني. لولا أن تداركت القيادة السياسية بحكمتها وحرصها هذا الصرح الوطني العملاق فرفدته برجل حكيم وخبرة عملية ميدانية كبيرة تمثلت بتعيين الأستاذ الدكتور/عبدالوهاب راوح رئيساً لجامعة عدن، يعلم هذا الرجل الخبرة أبعاد وأهمية قيادته لمؤسسة أكاديمية ذات حساسية كبيرة كجامعة عدن، جعلته هذه المعرفة يقف أمام كل الحالات والمشاكل العالقة والمتيبسة منذ زمن، فاستوعب بهدوء غير مسبوق واهتمام كبير هموم وطموحات كل المنتسبين إليها وشجع بصورة ملحوظة ورائعة طاقات وكفاءات أعضاء هيئة التدريس دون تصنيف أو استثناء؛ أخذ يحل مشاكلهم بنفسه دون وسطاء أو مدلسين، مدّ يده إلى الجميع، فتح الأبواب التي أغلقت لسنوات فكانت النتيجة إيجابية؛ تغيرت الأحوال والمفاهيم والوعي والأحكام والنتائج فأثمرت تفاعلاً وارتياحاً كبيرين غير مسبوقين، وتكونت لدى الجميع قناعات أن قيادة الجامعة الحالية ستعيدها إلى الريادة الوطنية والعربية، وستحقق طموحات كل المنتسبين إليها. تلاقت حكمة قيادة جامعة عدن ممثلة بالدكتور/عبدالوهاب راوح، وحكمة قيادة محافظة عدن ممثلة بالأستاذ/أحمد الكحلاني فأثمرت علاقة طيبة وعملية طالما ظلت مقطوعة وخاملة لسنوات أفقدت المجتمع مكاسب وتفاعلاً ومعرفة ومجالات بحثية وتطويرية، لقد تحمل الرجلان أمانة المهمة وضخامتها، أخذت الجامعة تعود إلى المجتمع وتمد إليه روافدها وإمكانياتها وكفاءاتها لتدرسه وتعالج الكثير من مشاكله، التحمت بالدور المطلوب منها، فبدأت تقف على واقعية التربية والثقافة والفكر والإدارة، تعاون كل من الجامعة والمحافظة والمجتمع يفتح آفاقاً جديدة ورحبة يلامسها المتتبع حواراً أخوياً وبناءً في المنتديات والمجالس والأندية واللقاءات الشعبية والرسمية وحراكاً وتخطيطاً ومشاريع مستقبلية. ثمة تكامل طيب بين المدينة والمحافظة، جسّده المحافظ في نزوله إلى الشارع واختياره الأحياء الشعبية للزيارة ومتابعته لكل ما يقلق سكينة المحافظة، ومن ثم الالتقاء بالمثقفين وأصحاب الكلمة في المنتديات لإشراكهم بالحلم والمعاناة باعتبارهم جميعاً شركاء في مشوار التطلع إلى مستقبل يصنعه ويحافظ عليه ويحميه الجميع من العبث والفساد. إنه ثنائي رائع يستحق الاحترام والتقدير والتعاون لامسنا حضورهما الإيجابي في نفسية كل شرائح المجتمع العدني، فلنصنع معهما من عدن لوحة جميلة مفادها «عدن مدينة الحاضر والمستقبل».