31/10/2006 الوقت يمر، وفي اليمن مازال الملايين من السكان دون تعليم، والآخرون غيرهم يتلقون نوعية متدنية من التعليم، وآخرون لا يتهيأون لعصر التكنولوجيا والتنافس الدولي الذي فرضته العولمة. نحن أمام تحديات حقيقية تقتضي من القائمين على التعليم أن يعيدوا النظر فيه وأن يجعلوه يلعب دوراً مركزياً في القضاء على الفقر المتزايد وفي دعم التقدم الاجتماعي الاقتصادي واحترام الحقوق الإنسانية للفرد. من البديهي أن إخفاق التعليم في تحقيق الوعي العلمي والمعرفي سوف تكون له آثار خطيرة على السلام والاستقرار والازدهار.. لذلك فإن المرحلة الآن هي مرحلة اعتماد نهج أقوى وأكثر توجهاً نحو العمل من أجل تحديث التعليم ضمن ظروف ومستوجبات القرن الحادي والعشرين. تفرض العولمة سوقاً للعمالة تتجاوز حدود الدولة الوطنية وتنافساً تفرضه الكفاءات المكتسبة. واليمن تمتاز بالكثافة البشرية، لكنها غير مؤهلة نتيجة لغياب التعليم وفق المقاييس الدولية.. وتحتاج اليمن إلى وضع استراتيجية للتعليم من أجل مواجهة أمرين اثنين هما: 1 استعداداً لدخولها إلى مجلس التعاون الخليجي، حتى تستطيع أن تحقق توازناً بين العرض والطلب في القوى البشرية. 2 الأمر الثاني يتعلق بالعولمة وما تحمله من تجدد في الثقافة، بوصفها أكثر الوسائل فعالية في الإنتاج والاتصال.. ذلك أن التعليم يخلق القدرة على استخدام الثقافة وما يتطلبه ذلك من مهارات ومعارف، ودون ذلك، فإننا نفرض على أنفسنا العيش في الهامش. والحقيقة أن العلاقة بين التعليم والثقافة هي علاقة طردية، فأي منهما يحدث تحولاً عميقاً سواء في كيفية التعليم أم في كيفية استخدام ما تعلموه. إن المتغيرات التي تجري من حولنا تحتم علينا أن نقوم بتغيرات جذرية داخل المؤسسات التعليمية، لأن التعليم أصبح بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى. وإضافة إلى النقطتين السابقتين، فإن الزيادة السكانية تفرض تحدياً آخر على المؤسسات التعليمية.. لأن الزيادة السكانية تشكل ضغطاً جدياً على المؤسسات التعليمية من حيث الإنفاق والتسيير والموارد البشرية ذات الكفاءة. إن تحسين التعليم يبدو شرطاً لابد منه لتوفير الاستقرار والحياة الطبيعية، فالتعليم يقع على عاتقه المساهمة في تكوين محيط سلمي في البلاد. ونحن لا نتكلم في الفراغ؛ وإنما بناء على الفرص المتاحة يجب الاعتراف بأن هناك فرصاً لم تكن متوفرة من قبل، هناك تعددية سياسية تؤكد حقوق الإنسان.. إضافة إلى أن المانحين يستجيبون للنداءات التي توجه إليهم بخصوص تطوير القدرات الوطنية، وهناك مشروع لتطوير التعليم ينفق ملايين الدولارات في اليمن، لكنها لا تذهب إلى وضعها الطبيعي والصحيح. هناك مبادئ أربعة متفق عليها على مستوى المنظمات الدولية هي: 1 مبدأ الشمول، ويتضمن النظر إلى التعليم للجميع من خلال الرؤية الموسعة التي تعتبر التعليم جزءاً لا يتجزأ من نوعية الحياة وعاملاً أساسياً في تحسينها.. إضافة إلى أنه ينمّي شخصية الإنسان ويلبي حاجاته. 2 مبدأ العدالة، ويقوم على تحقيق الفرص المتساوية من منطلق المواطنة المتساوية، ذلك أن اللا تكافؤ الاجتماعي والجغرافي في الفرص الدراسية يكون سبباً في حدوث شروخ في المجتمع. 3 مبدأ البيئة الصديقة للمتعلم، ويتضمن ذلك ما يأتي: توفير بيئة صحية وآمنة للمتعلمين. تحديد سن قانونية للطفولة، يحدد فيها منع تعاطي القات وبيعه في مثل هذا السن. تشجيع المتعلم على التفكير والتعبير المستقلّين. 4 مبدأ الالتزام، ويقوم على الالتزام من قبل كل الجهات، على مضاعفة الجهود من أجل تلبية حاجات التعليم الأساسية. إن المناهج القائمة غير صالحة لإعدد جيل المستقبل، فهي تعزز قيم الطاعة، والامتثال وتزييف وعي المتعلمين، وتجعلهم يقبلون الواقع دون محاولة لفهمه أو نقده. كما أنها تكرس لديهم فكرة رفض الآخر، ومن هنا يكتسب الطالب من هذه المناهج رفض فكرة التسامح الفكري وعدم قبول الرأي الآخر، مما يجعل الطالب ذا نظرة أحادية وأفق متعصب، يجعله فريسة سهلة للاستقطاب من الجماعات ذات الفكر المتطرف. إننا مازلنا نستحضر معركة حطّين وعين جالوت ومرج دابق وذات الصواري وبلاط الشهداء لنستقوي على مواجهة العدو في زمن غير الزمن، وعدو غير العدو، والظروف غير الظروف. لذا لزم إعادة النظر في المناهج القائمة، حتى تستطيع التلاؤم مع المتغيرات.