كثيرون هم الذين يعيشون خارج دائرة الاهتمام الإيجابي في هذا الزمن الذي يجمع بين المتناقضات والمحكوم بالمصالح.. والمصالح فقط وعلى قدر المصلحة يكون الاهتمام بعيداً عن كل الادعاءات والأقوال والشعارات التي لاظل لها ولا أصداء للأصوات التي ترددها، لأن ترديدها هو أيضاً لمصالح مؤملة أو للتغطية على مايخالفها من تصرفات وأفعال في واقع الحال. إن من المؤسف أن تتعارض المصالح في أكثر الأحوال مع القيم المثلى التي يدعيها أصحابها ومع القيم والاخلاق العامة أولاً وأخيراً دون تفريق بين أصحاب المصالح الشخصية وأصحاب المصالح الأوسع نطاقاً ولابين المصالح المحدودة والمصالح اللا محدودة طالما كانت كل هذه المصالح هي التي تحكم العلاقات وتحدد الاهتمامات، ولذلك فإن من يعيش خارج دائرة الاهتمام الإيجابي فإنه ضحية نوع من تلك المصالح، وقد حددنا الاهتمام هنا بالإيجابي لأن الاهتمام السلبي هو الذي لاجدوى منه لأنه لايحقق منفعة ولايدفع مضرة لمن هو في دائرة هذا النوع من الاهتمام، واستطيع القول أن هذا النوع من الاهتمام هو سلعة البسطاء في غالب الحال والذي تحركه العواطف الإنسانية بعيداً عن المصالح، لكنه للأسف لايحقق شيئاً سوى التعاطف والنقل والتصوير للأحداث والحالات موضع الاهتمام وفي كل الاحوال فإن من يعيشون خارج دائرة الاهتمام الإيجابي يعيشون في دائرة النسيان أو التناسي فلا مصلحة تتحقق مع هؤلاء، وهنا يكمن قبح أصحاب فلسفة المصالح التي لم تبق للقيم الإنسانية مكاناً. إن الفقراء الذين لايملكون من متطلبات الحياة ما يسد حاجتهم هم في الأصل ضحايا العلاقات المادية والمصالح بين الأغنياء ومن هم أحسن حالاً منهم.. هم ضحايا النسيان أو التناسي الناجم عن تلك العلاقات والمصالح التي جعلت من الفقراء والمساكين خارج دائرة الاهتمام الإيجابي عند الأغنياء والموسرين، فالعلاقات المادية والمصالح المتبادلة في العيد تحديداً مثلما هي في كل الأوقات هي التي أبقت على الكثير من الفقراء خارج أجواء العيد يلفهم النسيان وتطويهم الحسرة بينما ذهبت الكثير من الهبات والهدايا والصدقات إلى غير من يستحقها دون أولويات لهذا الأمر وربما جرى تبادل الهدايا والهبات بين الأغنياء دون اكتراث بالفقراء وأصحاب الحاجات الملحة ويستمر هذا الحال في موسم البرد الشديد هذه الأيام ويبقى الفقراء والمساكين وأصحاب الاحتياجات الخاصة في هذه الأجواء الباردة خارج دائرة اهتمام القادرين على المساعدة لأن الكثير من هؤلاء كما اسلفنا يفكر بالمصلحة التي سوف تتحقق عند تقديمه شيئاً وبالتالي يوجه عطاءه لمن يرتجي منه مايريد. لايقتصر الحال في هذه القضية على مجتمع دون آخر فقد أصبح هذا الوضع ثقافة عالمية حتى على مستوى علاقات الدول، وانظروا إلى مستوى اهتمام دول العالم العربي وغير العربي لما جرى ويجري في الصومال لأن من ذهبوا جراء الحرب الأخيرة لامصلحة ترتجى منهم في المدى المنظور وعلى هذا المبدأ كان الاهتمام ولايخفى أن هناك مجتمعات يفعل الفقر فيها مايفعل وتفعل الصراعات ماتفعل فيما العالم كله لايسمع شيئاً ولايرى.. وليس بالضرورة أن تكون المصالح في كل الأحوال مادية وإن جاءت في المقدمة لكن ثمة مصالح أخرى تدعو للاهتمام بهذا المجتمع أو البلد وتبقي على مثلهما خارج دائرة الاهتمام لانتفاء المصالح.