دعت السيدة الفاضلة نجيبة حداد وكيلة وزارة الثقافة مرتادي مجالس القات لتخصيص جزء من جلساتهم لمناقشة قضايا الطفولة في اليمن ،ولتخصيص جزء من ثمن القات لشراء ألعاب وحلوى لأطفالهم ،وإلى الجلوس معهم والاستماع إليهم. السيدة حداد أطلقت دعوتها من وسط قاعة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في تعز ،وكل من استمع إلى محاضرتها الرائعة ظن أن دعوة السيدة حداد ستفجر اليوم الثاني ثورة صاخبة في وسائل الإعلام اليمنية لتعقبها ثورة أخرى في وسائل الإعلام الخارجية لأنها في حسابات المثقفين تمثل أكثر من دعوة ،وأكثر من انتفاضة على الواقع الاجتماعي والاعلامي ،والثقافي.. لكن للأسف الشديد لم تجد غير الزميل/عبدالقوي شعلان يحملها إلى موقع«نبأ نيوز» وزميل آخر حملها إلى صحيفة «الجمهورية» فيما صم الآخرون آذانهم عن سماع الدعوة ،وأوصدوا نوافذ مواقعهم وصحفهم كي لاتتسلل منها «انتفاضة» نجيبة حداد إلى ركن من وسائلهم الاعلامية ،فتكر عليهم «الساعة السليمانية» من مقيل القات! ربما لو دعت سيدتنا الفاضلة إلى اقتطاع جزء من مصروف«جعالة» الاطفال لتوفية ثمن القات لأحدثت ثورة حقيقية ،ولوجدت القبول والتنفيذ في اليوم الثاني على طول.. لكن أن تتحدث عن اقتطاع جزء من ثمن القات لشراء لعب للأطفال ،واقتطاع جزء من وقت الآباء للجلوس مع أطفالهم فإن ذلك يعد تحريضاً للأطفال للتواجد في البيوت ،وإحداث الضجيج الذي يبدد متعة «التخزينة» ويحرم متعاطي القات من لحظات التفكير والتخطيط وبناء المشاريع الخيالية ،ومن الخوض في سيرة«زيد أوعمرو». من حسن حظ السيدة حداد أن وسائل الاعلام تكتمت على الخبر.. ومن سوء حظها أنني أعيد«نبش» الخبر لأنها قد تواجه على إثره حرباً شرسة قد تطيح بمركزها الوزاري في وزارة الثقافة.. فكيف لسيدة تترك بيتها ،وتستغني عن ساعات راحتها ،وتقطع المسافات إلى تعز من أجل أن تدعو إلى حقوق الطفل وتمس «قدسية» القات ،بينما القوى الانتهازية غارقة في بحره..! أليس في ذلك فضح لعشرات المسئولين الحكوميين الذين يتقاعسون عن أدوارهم الوطنية في النزول إلى المجتمع ،وتوعيته ،وتقويم سلوكياته وممارساته بما يخدم مستقبل أبنائهم..!؟ أليس في مشاركة هذه المرأة في بناء قيم المجتمع الأخلاقية ،والدفع بواحدة من القضايا المهمة التي تضمنها البرنامج الانتخابي لرئىس الجمهورية «رعاية حقوق الطفولة» إثارة لتساؤل الأخ الرئىس حول ماعملته الوزارات الأخرى ،والمسئولون الآخرون على صعيد القضايا التي تضمنها البرنامج الانتخابي الرئاسي؟ وأين ادوارهم من المجتمع ،ومن المشاركة في فعالياته وأنشطته؟ فالاخلاص للواجب والمسئوليات الوطنية لايكون بالمشاركات التي ينفذها البعض خلال ساعات الدوام الرسمي ،بل في التضحية بأوقات الراحة غير الخاضعة للمساءلة القانونية في لوائح أوقات العمل! ثم كيف لنا كمثقفين وإعلاميين ونخب سياسية واجتماعية وناشطين في منظمات المجتمع المدني سواء كنا في الحكم أم المعارضة أن ندَّعي بالوطنية والحرص على مصالح الشعب إذا لم نتفاعل مع برامج المسئولين ،ونأخذ بأيديهم إلى ساحة الرأي العام.. فالمسئول الحكومي يطرح وجهات نظره ،ويدعو إلى أفكاره وخططه ،وعلى الآخرين التفاعل معها ووضع الخطط التنفيذية لها.. خاصة عندما تكون قضايا توعوية متصلة بالحقوق والحريات والبناء السلوكي للمجتمع كتلك التي دعت إليها اختنا الفاضلة نجيبة حداد. أتساءل: ماذا لو كانت دعوة السيدة حداد تتعلق بموضوع مذهبي ،كالذي يدور الحديث عنه في دول عديدة في العالم العربي والاسلامي ،وفي معظم مقايل اليمن!؟ ألن نتسابق إلى الخوض فيه رغم علمنا جميعاً أنه سبب لتفتيت وحدتنا الوطنية الاسلامية!؟ فهل تجاهلنا لمثل هذه الدعوات هو اعتراف بأن مايحدث في الأمة من خلط في المفاهيم وإثارة للفتن والدعوات الانفصالية هو انعكاس لاختلال قيم النخب الثقافية والإعلامية والسياسية التي تقود المجتمع ،وتأكيد بأنها تعاني من عجز في التوافق مع نفسها ومع احتياجاتها الراهنة!؟ لماذا تجد بعض الدعوات التي تطلقها شخصيات حزبية ترويجاً هائلاً لمجرد أن فيها مساساً بسيادة الوطن ،أو بعض رموزه بينما لاتجد الدعوات البناءة من يسوقها للرأي العام..!؟ لماذا يعجبنا في المقايل تداول تصريح لأحد المتمردين على السلام والاستقرار اليمني ولايعجبنا الحديث عن الكيفية التي نعزز فيها حقوق أطفالنا ونوعيهم بما يدور في محيطهم الاجتماعي والجغرافي وحتى الدولي..! هذه تساؤلات أطرحها بين أيدي المثقفين وأهل الرأي. وأخيراً لايسعني إلا أن أقف إكباراً للسيدة نجيبة حداد على التفاتتها الرائعة ،ومقترحاتها الأروع.. وجهدها المتفاني على الدوام.. ومن دواعي فخرنا أنها إحدى النخب المجتهدات في مدرسة الرئىس/علي عبدالله صالح التي تولي الطفولة اليمنية جل اهتماماتها ،وتراهن عليهم في قيادة يمن المستقبل الزاهر.