اليوم.. آتي إلى الحديث عن الاتجاهات الدولية التي بدأت تُعنى وتهتم بدراسة وتقويم التحصيل لدى الطالب في فصول دراسية مختارة ومواد معينة مشتركة بين هذه الصفوف.. وهو برنامج عدد من الدول العربية والأجنبية من ضمنها اليمن التي أدرجت في البرنامج بالصف الرابع الابتدائي، الذي خضع للاختبار الدولي في العلوم والرياضيات ضمن عدد من الدول، وكانت النتيجة أن اليمن أتت في ذيل القائمة مقارنة بطلاب الصف الرابع في تلك الدول المشاركة. وفي عملية دراسة للأسباب وجد أن أهم الأسباب هي عدم قدرة الطالب اليمني في الصف الرابع على قراءة الأسئلة، وفهم المطلوب في الأسئلة.. فالطالب الذي لا يعرف القراءة لا يمكن أن يكتب ويفهم ويحصّل علمياً.. هذه المشكلة لم يستطع الفريق الوطني إخفاءها في ورقته كحقيقة قائمة لابد من تقبلها والعمل على مواجهتها بإجراءات سريعة دون التسويف والتأجيل، لأن الواقع التعليمي لا يحتمل، ويجب أن توضع وزارة التربية والتعليم أمام هذه الحقيقة المرة بمخاطرها الكارثية على مستقبل البلد كون الطالب هذا هو مستقبل البلد. المشكلة هذه لم تكن مفاجئة لي كتربوي لما يزيد عن «28» سنة، وك«كاتب» تناولت هذه القضية «ضعف وعجز الطالب في القراءة والكتابة والعمليات الحسابية الأولية» مراراً وتكراراً عبر صحيفة الجمهورية منذ بدأت معها في 1983م من القرن الماضي.. وأشرنا خلال الكتابات إلى ضرورة إعادة النظر في مناهج الصفوف الأولية من التعليم الأساسي من ال«1» ال«4» والتركيز على القراءة والكتابة والخط والعمليات الحسابية الأساسية في الرياضيات.. وإيقاف العمل بالنقل الآلي في هذه الصفوف، وإخضاع الطالب للاختبارات ومقاييسها في النجاح والرسوب.. مؤكدين أن براعة الطالب في القراءة والكتابة ومبادئ الحساب تعني امتلاك الطالب لمفاتيح العلم.. وخلال التناولات كنا نشير إلى أهمية أن تدرّس للطالب إلى جانب القراءة والكتابة الرسم والموسيقى والرياضة خلال الأيام الدراسية، فهي مواد مشوقة وتنمي الكثير من المهارات العقلية والإدراكية والحركية والذوقية والجمالية.. إضافة إلى أهميتها في الفصول اللاحقة.. فكل المواد تحتاج وتتطلب مهارة لدى الطالب في الخط، والخط هو رسم.. كما أن الطالب سيحتاج إلى المهارة في رسم الخرائط ورسم الأشكال الهندسية، ويحتاج إلى براعة في الرسم في الكيمياء والفيزياء والأحياء.. لكن كنا نكتب لمن لا يقرأ، أو لمن يقرأ لكنه لا يفهم، سوى أن الرسم والموسيقى والرياضة مواد شيطانية لا يجوز تدريسها، وحذفت من المناهج وما زال الوضع والحال كما هو عليه، وزاد الطين بلة صياغة المقررات الدراسية بأساليب تفتقر إلى أبسط قواعد العرض السليم والصياغة الصحيحة للمقرارات، وفاقم المشكلة مخرجات كليات التربية الهزيلة علمياً وفنياً وتأهيلاً، وما يحدث من معاقبة المدرسين الفاشلين بإنزالهم للعمل في الصفوف الأولية من التعليم الأساسي.. فكانت الجناية أكبر، حتى أفرزت لنا هذا الواقع التعليمي التعّلمي التربوي المؤلم والمر. إن نتائج النصف الأول للعام الدراسي 20062007م تدق ناقوس الخطر فهي تؤكد، ومؤشر لا يكذب على فشل العملية التعليمية التعلمية، معلماً وإدارة وتوجيهاً وكتاباً ووسائل وأنشطة.. رغم كل ما حدث من دورات وورش عمل للموجهين وللإدارات المدرسية ولمعلمي الصفوف الأولية ومعلمي المواد من «79» أساسي وبشكل مكثف إلا أن نتائج الفصل الأول تؤكد التدهور وبالتالي إلى فشل التدريب، لأنه لم يؤثر على الميدان بالتحسن، بقدر ما أعقبه تدهور يعكس عدم جدوى التدريب وغياب أثره.. فإلى متى يستمر هذا الحال؟!