بعض التجار اندفع تحت طائلة الطمع والجشع إلى إخفاء سلع غذائية مع دخول الشهر الفضيل، ومن ثم بيعها بأسعار باهظة دونما مبرر إلا مجرد الطمع في ربح أكثر ولو من باب الحرام. كيف يرضى أن يطعم أولاده من طريق غير سوي ولا مشروعة ؟ وكيف يقبل أن يشبع هو وأسرته على جوع أسر أخرى وأفراد لا يجدون ما يعني بحاجيات أساسية كالقمح والدقيق؟. الرحمة خلق وسلوك إنساني وروحاني يكثر استحضاره خلال الصوم والجوع ومع الإفطار والشعور بحاجة الجائع الذي لا يجد قوت يومه ولا إفطار صومه. من معاني الصوم أن تتجرد النفس من الشهوات والأطماع والأهواء وأن ترتقي الروح عن كل ما يحجب أنوار القدس ومعاني الشفافية واللطافة والتروحن الحق. ومن غير اللائق أن ننشغل بأنفسنا والشهوات والملذات الحسية من مطعم ومشرب وسواهما، خلال الشهر الفضيل أكثر من انشغالنا بمدرسة الجوع وكتاب الصوم ومنهج العبادة الدينية التربوية والروحانية. هذا شهر يعلمنا كيف نكون أقوى من الشهوات والملذات، وأكثر من مجرد حيوان ناطق يأكل الطعام كغيره من الأحياء، ولكنه أيضاً قادر على إتيان الفضيلة والسمو فوق الحسيات، وتحقيق جوانب خلافة الإنسان في الأرض بمعاني الكمال والجمال والفعل الإنساني المتحالف مع الحرية والانعتاق من الشهوات والملذات. ليس أكثر من الصوم، عبادة ورياضة جسدية وروحانية وعقلية ولا أعظم من الجوع والعطش مدرسة لتعلم الرأفة والرحمة والإغداق بمشاعر التعاطف والتكافل والتكامل بين الناس. التجار.. عليهم ألاّ يفعلوا العكس مما تفيده مدرسة الصوم.. عليهم أن يرحموا الناس لا أن يزداد الطمع والجشع وحب المال استحواذاً ولو على حساب العبادة والعباد.