لا أدري هل أنقذ رمضان التلفزيون اليمني من العزلة التي يعيشها طوال السنة؟! وعليه فإن القائمين على هذا التلفاز أن يقدموا وافر الشكر وجزيل التحايا لرمضان الذي أخرجهم من أسوار العزلة التي تفصلهم عن جمهور كثيف من المشاهدين المحليين. لقد أشعل رمضان «شمعة فنية» مضيئة في سنة تلفزيونية يمنية مظلمة.. فمن يشاهد بعض برامجه يشهد نوعاً من الإبداع وبعضاً من التألق.. فلقد قدم التلفزيون اليمني برامج نوعية يمكن أن يقال عنها «انطلاقة فنية يمنية جديدة» .. لو أتيح لها الاستمرار في عطائها.. لخلقت لليمن «فنياً» رصيداً متجدداً من الانتاج الإعلامي. ليس في الأمر إعجاز ولكن فيه صدق في إيجاد الإنجاز بشروطه المعرفية والاجتماعية.. أن يكون في اليمن مسرحيات تنافس نظيراتها العربيات.. مسلسلات تفوق أخواتها المصريات والسوريات وبرامج تناطح جيرانها الخليجيات.. أن يوجد هذا في اليمن ليس صعباً، هو يحتاج إلى توجه رسمي جاد ودعم فني متكامل.. وتشجيع إعلامي واجتماعي مستمر.. وخلق بيئة ملائمة للمبدعين في المسرح والغناء والمسلسلات والبرامج.. ثم سنجد اليمنيين في مقدمة الإنتاج الفني. لقد ظل المصريون محتكرين للفن السينمائي والتلفازي حتى ظن أن لن يأتي أحد بمثل ما أتوا.. لكن سوريا دخلت بإرادة وتصميم وكادت تسحب البساط الفني من تحت أقدام «أم الدنيا».. وهاهي الخليج تنافس السوريين والمصريين معاً.. من كان يصدق أن «طاش ما طاش» سيلقى هذه الشهرة المنقطعة النظير عربياً، لولا صدق التصميم وجودة الأداء ونوعية المضمون. اليمن ممكن لها أن تحقق السبق التلفازي بل والسينمائى.. إن كانت هناك إرادة عامة مستمرة وتكاملية.. إن تم جمع المشردين من المبدعين من مقاهي المدن.. إن أتيحت الفرصة للعاملين في مؤسسات الثقافة ومكاتب الإعلام فرصة للتحرك بحرية نحو التجديد.. إن رفعت الوصاية عن أقلام الأدباء وأصوات البلابل «المغنين».. إن تخلصنا من عقدة الأجنبي المتسمرة فينا.. برفع القيود عن «الإبداع المحلي».. عند ذاك سنشهد سوريين ومصريين وخليجيين .. وهم يشاهدون مسلسلاً يمنياً .. أضحكهم حتى الثمالة.. أو برنامجاً يمنياً .. يقدم اليمن على «طبق من ذهب» في سماء الإعلام الدولي وليس العربي فقط. لقد ذهلت وأنا الذي لا أشاهد «اليمنية» وبيني وبينها ما يشبه «الثأر» وأنا أرى كثيراً مقبلين على برامجها رامين وراء أعينهم «دبي»و«أبوظبي» و« mbc ».. بعضهم يده في المائدة وعينه على «شر البلية».. وآخر يلعق المحلبية مع نكهة «شاهد عيان».. ولمست تذمر البعض من توقف الفضائية الرسمية عن بث « فرسان الميدان» إلا أن «السعيدة» أوجدت متنفساً لغضبهم عندما فتحت «لفرسان الميدان» قلبها الفضائي. بالتأكيد لا يمكن القول إن ما قدمته الفضائية اليمنية في قمة الابداع.. فهناك مآخذ لدى البعض على بعض المضامين في بعض الحلقات كما هي في «شاهد عيان» مثلاً.. وهو ما أدى لتوقيفه.. لكني أرى أن التقييم للحلقة أو الاعتذار عن الاخطاء كان هو الحل الصحيح؛ لأن ما تم عرضه مثل مقدمة جميلة «ان استمرت» للوصول إلى قمة الإبداع.. وإذا كان «شر البلية» قدم مضامين اعجبت البعض وحولت بعضاً منا إلى «شاهد عيان» على تألق «اليمنية» رمضانياً.. فإن «شر البلية» هو توقف الفضائية اليمنية عن الإبداع. وسنكون «شاهد عيان» على خير إبداعها القادم أو «شر بليتها» أيضاً