إن استنهاض الجميع حكومة ومجتمعاً، أحزاباً ومنظمات المجتمع المدني، النواب والشورى، باتجاه إصلاح وتقويم وإعادة بناء النظام التربوي والتعليمي في بلادنا باعتباره بوابتنا الوحيدة إلى الغد الأفضل.. منح تراخيص في الحديدة ل24 مشروعاً بتكلفة 5،57 مليار ريال وبناء اليمن الجديد يعتبر واجباً مقدساً يرقى إلى درجة العبادة الخالصة لله سبحانه وتعالى خاصة إذا ما كان هذا العمل حباً ووفاءً للوطن، ومعلوم لنا أن حب الوطن من الإيمان. ولذلك أصبح من الضرورة بمكان الوصول إلى توافق سياسي اجتماعي فيما يخص إصلاح وإعادة بناء نظامنا التربوي بعيداً عن التباينات والمماحكات والتنافس الحزبي والتمترس القبلي والمصلحي، سعياً إلى تحسين وتطوير مدخلاته والتنبؤ الصحيح والواقعي والعلمي بقدرة وكفاءة مخرجاته الوطنية ورفدها للتنمية والنهضة، ومن ثم الوصول إلى مستوى عالٍ من الجودة التعليمية والتربوية، واللحاق بالأنظمة التربوية التي حققت نجاحاً وتطوراً ملموساً. كما أن خلو نظامنا التربوي من المحاسبة والشدة مع كل من تسوّل له نفسه الإخلال به أو تمييع أهدافه الكبرى جعله مساحة للأخطاء والفساد والتنافس الحزبي والتوازنات المناطقية والتسابق الشللي والعبث والمحاباة والمجاملات والتجاوزات القاتلة؛ لأن الخطأ الذي قد يحدث في المستشفى ربما كان ضحيته مريض أو عشرة مرضى، بينما الخطأ الذي يُرتكب في المدرسة يكون ضحاياه أجيال وعقود من عمر الوطن كله. إذاً إعادة النظر في القانون المنظم للتربية والتعليم في بلادنا أمر أصبح ملحاً، وحاجة الوطن إليه أكثر من أي وقت مضى، خاصة أن ثمة فجوات وعثرات كارثية إذا لم نتداركها بالإصلاح وإعادة البناء فإنها ستحوّل نظامنا التربوي والتعليمي إلى بحيرة قاتلة، وقد لا نستطيع بعد فوات الأوان تخليص أنفسنا ومجتمعنا وأجيالنا من مخالب الضياع وصحارى التخلف. عندما نتصور قادة العمل التربوي في بلادنا غير مؤمنين به ولا بقدرته وصلاحيته للبناء والتغيير الاجتماعي والتنمية البشرية؛ ونظرتهم الدونية للمدارس التي تديرها الدولة بواسطتهم، وأنها هشة تربوياً وتعليمياً، كادراً وإدارة، مكاناً وطبيعة، بشراً وطبقات اجتماعية فيذهبون بأبنائهم إلى المدارس الخاصة فإننا سنجد أن الحاجة وطنية خالصة لتغيير كل القيادات التربوية وهدم وإعادة بناء نظامنا التربوي والتعليمي من جديد بأدوات وقامات ومفردات تربوية تؤمن بقدرتها الذاتية على التغيير الأفضل والأمثل للإنسان وإعادة تربيته بما يخدم ذاته ومجتمعه وعصره. لابد من رفع وتيرة الإصلاح التربوي ليطال المدارس الخاصة ويعمل على إنهاء هذا الخطأ الفادح الذي يعزز اللامساواة والشعور بالضيم والظلم لدى أجيالنا اليمنية. لأن المساواة في التعليم تخلق المساواة الاجتماعية، وتعزز في المقابل الوحدة الوطنية، وتقوي النسيج الاجتماعي، وحتى لا يعتقد المجتمع أن المدارس الحكومية إنما وضعت للشريحة الدنيا من الفقراء والمعوزين والمهمشين، وأن أبناء قادة النظام التربوي والتعليمي وأمثالهم خُلقوا لمدارس خاصة تمتلك كل الامتيازات والوسائل والإمكانات. طبول الكارثة دقّت، وآمن كل الخيرين بأن إعادة بناء نظامنا التربوي واقعاً ملموساً يحتاج إلى شجاعة القرار السياسي وحكمته ووضوحه؛ لأن فيه حاضر ومستقبل اليمن الجديد.