من حديث بعض الاحزاب عن سعر البيضة، ثم كيس القمح، ثم «حقوق أبناء الجنوب»،كان الوصول إلى المطالبة بتقاسم الثروات النفطية كفيلاً بطرح السؤال:ماهي النهاية التي تأمل الاحزاب جرّ الشارع إليها؟! إن المتابع لتطورات الاحداث منذ البداية لابد أن يصل إلى حقيقة مهمة هي أنها ابتداءً من «البيضة» إلى «النفط» كانت تدور على مسرح جغرافي واحد دشنه قيادي في الاصلاح خلال حديث له عن كهرباء محافظة عدن، وسخريته من مشروع الكهرباء النووية برهانه على «سعر البيضة»،ليواصل من يومها نشاطه ضمن نفس الجغرافيا وصولاً إلى موضوع النفط الذي طرحه قيادي في الاصلاح أيضاً.. ولعل حصر النشاط داخل هذه الجغرافيا «الجنوب» يعطي مؤشراً واضحاً أن الغاية المنشودة هي تثوير اقليم جغرافي محدد باستغلال خلفياته التاريخية، والسياسية، والاجتماعية،والتعبئة الاعلامية على أساسها بقصد تنمية الحس المعادي للسلطة، عبر تنمية ايحاءات مختلفة توهم المجتمع «المحدد» بأنه مستهدف دون سواه بالظلم والانتهاك، والاقصاء، وغير ذلك.. والملاحظ أن أحزاب المعارضة ظلت تتداول أوراقها السياسية داخل نفس الاطار الجغرافي.. فقد أججت الاعتصامات بشأن الاسعار في المحافظات الجنوبية فقط، وعندما نجحت إجراءات الحكومة في السيطرة على السوق، تحولت إلى موضوع المتقاعدين في نفس المحافظات فقط، وعندما عالجت الحكومة الموضوع، وسقطت الذرائع، تحولت إلى طرح مطلب توزيع الثروات النفطية على أبناء المحافظات التي تتواجد فيها.. لأنها تعرف مسبقاً أن الجزء الاعظم من النفط موجود في المحافظات الجنوبية التي تستهدفها بنشاطها التحريضي..! والأمر هنا ليس مجرد موضوع لمناكفة السلطة، بل إنها تريد تأجيج الحماس في نفوس أبناء تلك الجهات بأنهم قد يتحولوا إلى أثرياء إذا ما استحوذوا على المنشآت النفطية، وبالتالي دفعهم إلى تنفيذ عمليات تعرقل عمل هذه المنشآت كقطع الطرق، واختطاف الخبراء والعمال، وربما تخريبية أيضاً.. مادام هناك من يغسل الادمغة بفكرة أن النفط تنهبه السلطة على حساب إفقارهم.. وهذا التوجه خطير جداً، وعلى الحكومة منذ الآن تحميل مروجي هذه الافكار المسئولية الكاملة لكل مايمكن أن تتعرض له المنشآت النفطية من أخطار أو معوقات لأعمالها الانتاجية، والاعلان عن إجراءات حازمة ورادعة بحق مروجي هذه الدعوات!! أما على الصعيد الشعبي فإن على الحكومة الظهور أمام الرأي العام، ونقل الحقيقة لهم، ومكاشفتهم بأنها مطالب أحزاب المعارضة «المشترك» ودعوة أبناء المحافظات غير النفطية إلى تحديد موقف من أحزابهم التي تطالب ب «تأميم» النفط لصالح المدن التي يتواجد فيها، وحرمان بقية الوطن منه.. ليكن الجميع على علم بأن من يخاطبونهم باسم «الأمة الاسلامية» هم أنفسهم الداعون إلى تفتيت الوطن إلى «أمم نفطية» ،والداعون إلى الوحدة العربية، هم أنفسهم يجزؤون الوطن الواحد إلى كتل اقتصادية نفطية لاتعترف بحق التكافل والتكامل! وبطبيعة الحال إن هذه الاحزاب تعلم مسبقاً استحالة حدوث ذلك، لكنها تراهن على إذكاء عداء للسلطة في حدود نطاق جغرافي «الجنوب» لتستفيد من زخم الانفصاليين في الخارج كغطاء للرأي العام الدولي حتى توصل الشارع إلى صدام مع السلطة مبني على أساس تشطيري .. ليتحول أبناء تلك الجهات إلى حطب الفتنة في الوقت الذي سنجدها تعلن أنها ضد الانفصال والمناطقية،ثم تلعب بورقة ضحايا الفتنة والانتهاكات. لذلك على الشارع اليمني أن يعرف من الآن أن لافرق بين من يدعو إلى التشطير باللفظ، ومن يدعو إليه بالعمل!!