حرصت الإدارة الأمريكية على استخدام مفردتي التلميح والتصريح في حربها المعلنة على العراق والتي سيكون لها امتدادات مؤكدة في كل المنطقة .. خاصة وأنها تعتبر هذه الحرب مجرد حلقة في سلسلة المبادرات المرتبطة بمكافحة (الارهاب) والتي ستجد لها طرقاً شتى وأساليب متباينة تمازج بين الترغيب والترهيب . بالنسبة للنظام العراقي كان لا بد من التصريح بأن الهدف هو إزالة النظام ومالديه من أسلحة دمار شامل .. الحقيقة أن المطلوب إزالة النظام وما لديه من مقدمات لتصنيع أي أنواع من الأسلحة لا أسلحة الدمار الشامل فحسب . نفس المعادلة ستطال ايران قريباً لأنها أكثر امتلاكاً لمقدراتها فيما يتعلق بصناعة الاسلحة حيث إنها تصنع طائرات الهيلوكوبتر والصواريخ والدبابات والعربات المصفحة ومختلف أنواع الذخائر مما يقض مضجع اسرائيل ويجعل الولاياتالمتحدة تستشعر خطراً مشابهاً لذلك الذي مثلته العراق على مدى العقدين الماضيين . إن مراجعة عابرة لمقدمات حرب الخليج الأولى ترينا أن الهدف من تلك الحرب كان تقويض قابليات العراقوايران معاً وقد تحقق ذلك طوال السنوات الثماني للحرب .. ولمزيد من تأكيد ذلك الهدف جاءت سياسة الحصار المزدوج الامريكية ضد العراقوايران معاً .. وهي السياسة التي نجحت مع الطرف العراقي إلى حد كبير بينما أخفقت مع ايران التي تمتعت بدبلوماسية هادئة وبقدرة على مخاطبة مصالح الآخرين واستدراجهم . التصريح الأمريكي الموجه ضد ايران وسوريا لم يعد خافياً . أما التلميح فإنه يتعلق ببقية دول المنطقة وهي بكاملها دول عربية يتم تهديدها صباح مساء عبر موظفي البيت الابيض …التلويح لها بالرضى حتى تظل صامتة وشاهدة زور على ما يجري . الدبلوماسية الامريكية تكرر لازمة تتعلق بضرورة إجراء إصلاح في عديد الدول العربية التي مازالت ترفض الشفافية السياسية والديمقراطية .. كما كانت بعض الدوائر الأمريكية تبرز سجلات حقوق الإنسان في هذه البلدان كتلميح بعدم القبول بأوضاعها الداخلية . أما استعراض العضلات الحربية قبل العدوان فقد كان بمثابة تهديد مبطن لهذه الدول مما انعكس على مواقفها الرمادية تجاه العدوان السافر الذي تشنه العسكرية الأمريكية . لكن هذا العدوان ينتج من داخله مقدمات اليقظة والرفض كما سنرى قريباً . فالجدل الداخلي والاعتمال الكبير يأخذ مجراه في عمق الساحة العربية منعكساً على الموقف العربي كما رأينا في مؤتمر وزراء الخارجية العرب . لقد تبين الآن أنه لا فرق جوهري بين التلميحات والتصريحات الامريكية .. المخطط يجري على قاعدة أولويات محددة تتقافز في ظهورها يوماً بعد يوم .. أما المطالبات الامريكية بالديمقراطية وحقوق الانسان والشفافية فليست إلا كلمات حق يراد بها باطل. [email protected]