من سخرية القدر أن تقع عيناك على إعلان في الصحف عن شقق للبيع بالتقسيط المريح ولذوي الدخل المحدود ومايزيد الطين بلة هو اعطاء موعد اقصاه سنتان للتسديد. فعن أي تقسيط يتحدثون وأين الراحة فيه؟! ان البيع بالتقسيط طريقة تمويلية متعارف عليها في كثير من الدول التي اسهمت مؤسساتها وشركات القطاع الخاص فيها في حل ازمة السكن كون الذين يستطيعون شراء منازل «كاش» محدودين فلجأت إلى تلك الطريقة في توفير آلاف الوحدات السكنية دون تحميل المقترض فوق طاقته وبما يتناسب مع راتبه الشهري إن كان من فصيلة الموظفين.. في دول الخليج يستطيع المواطن البسيط وصاحب المهرة الواحدة أن يتحصل على قرض بارباح غير تراكمية عكس ما تقدمه البنوك التجارية.. لشراء شقة تقسيط ولفترة تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين عاماً.. أية شقة ببلاش. بينما نحن نحتاج إلى عشرة رواتب حتى نستطيع ايفاء قيمة القسط الواحد حتى نحقق حلم حياتنا ولو «أوطه على السطوح» على رأي الإخوة المصريين.. الغريب أن المستثمرين العقاريين وهم يضعون اعلاناتهم التقسيطية المريحية يتعاملون معنا وكأن متوسط راتب الواحد في العام يتجاوز العشرة الآف دولار وغاب عنهم بأن حتى اصحاب المناصب القيادية لا يتعدى راتب الواحد منهم ثلاثمائة دولار ولو دفعها كاملة لما خرج من هذه الدنيا بشقة العمر. المشكلة أن اصحاب رؤوس الأموال مستعجلون جداً على جني الارباح همهم الأول أن «يقطبوا سريع» هذا شأنهم وهم أحرار في ذلك ولكن لماذا يحشرونا نحن ذوي الدخل المهدور في اعلاناتهم ولو كان الأمر بيدي لرفعت قضية على هؤلاء الذين يستخفون بنا وبرواتب الحكومة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. نريد أن يكون التقسيط جزءاً من حياتنا سكن بالتقسيط واثاث بالتقسيط وسيارة بالتقسيط وزوجة بالتقسيط.. أنه حلم بعيد المنال. حتى استراتيجية الأجور وجدنا الخدمة المدنية تقسطها على مراحل طوال وكلما قلنا جاء الفرج لانجد سوى تصريحات تصدر عن الخدمة آخرها أن المرحلة الثانية سوف يصل معدل الزيادة منها إلى 15ألف ريال.. وما سوف يصل إلينا يادوب خمسة آلاف ريال «مش» قيمة كيس بر. أن تلك التصريحات أصبحت أكثر ما تفرح المؤجر وتبكينا نحن.. فأصحاب العقارات يرفعون الايجار وكأنهم جزء من الاستراتيجية. حتى جعلت مستثمري العقارات يسخرون منا ولا يخجلون عندما يزفون لنا بشرى المساكن لذوي الدخل المحدود والدفع بالتقسيط المريح.