أكثر من «50» مليون نسمة هو الرقم التقريبي لما سيكون عليه سكان اليمن عام 2033م وهو كفيل بإعلان الحكومة حالة الاستنفار لكل أجهزتها المعنية لوقف نسائنا الولودات من غمر سطح الأرض بالذرية، والتسبب بكارثة!! الانفجار السكاني الذي تشهده اليمن لايمثل كارثة بأرقام الكثافة البشرية بل بما يفرضه ال «50» مليون نسمة على الدولة من احتياجات خدمية.. فالدراسة التحليلية التي انتهى منها صندوق الأممالمتحدة للسكان الأسبوع الماضي، والمسماة ب «رابيد» تقول إن اليمن عام 2033م سيحتاج إلى فرص عمل تقدر ب «2.2» مليون فرصة عمل..وفي قطاع التعليم سيتجاوز عدد طلاب التعليم الأساسي فقط «7،14» مليون طالب وطالبة وسيتطلب تعليمهم «490» ألف مدرس ومدرسة! وفي المجال الطبي ستكون اليمن بحاجة إلى «16» ألف طبيب وطبيبة بينما سترتفع الحاجة من الماء إلى حوالي «8392» مليون متر مكعب من الماء..فما بالكم ونحن اليوم نقاسي أزمة ماء، ونقص مدرسين، وازدحام مدارس، واختناق مروري في الشوارع وبطالة ونقص خدمات صحية وغير ذلك من المشاكل التي لايمكن تخيل كيف ستصبح عندما يزداد سكان اليمن من «22» مليون إلى «50» مليون نسمة في الوقت الذي تتراجع كميات الموارد الطبيعية التي تمثل المصدر الأساس للدخل القومي اليمني؟! في اجتماع الأسبوع الماضي وصف النائب نبيل الباشا الحال ب «إننا مقبلون على كارثة» فيما كان نائب ممثل صندوق الأممالمتحدة للسكان يحذر بأنه إذا أستمرت الزيادة السكانية على هذا المنوال فإنها تعني «الدمار للبلد» في الوقت الذي مازالت الساحة الشعبية بعيدة عن هذه الهموم، ولم يبلغها العلم بهول الكارثة التي تترقب الأجيال فيما لو استمر الانفجار السكاني بقذف حممه البشرية إلى الحياة! إذن مادام هناك قلق دولي ويمني من الزيادة السكانية، لماذا لم يبادر أحد إلى نقل الحقائق إلى المجتمع؟! أليس المواطن «ذكراً أو أنثى» هو وحده القادر على الحد من معدلات الإنجاب، وهو المعني الأول والأخير بالقلق على مستقبل ذريته؟! فهذه المسألة هي الوحيدة التي لاينفع معها قرار حكومي،ولاتشكيل لجان ولا مهلة زمنية بقدر ماتتطلب توعية مكثفة وثقافة موجهة للزوجين في كيفية تنظيم النسل! ومادامت المشكلة في جزء كبير من حلولها ترتبط بالمخرجات التوعوية التي تؤديها وسائل الاعلام والمؤسسات الثقافية يصبح الأمر مثار استغراب أن تنفرد الجهات الحكومية والدولية المرتبطة بالسياسات السكانية والصحة الإنجابية بمناقشة الموضوع بمعزل عن الشراكة الإعلامية والثقافية!! فبتقديري إن هذا التجاهل سيخلق فجوة في تنفيذ أي معالجات محتملة تقود إلى نتائج غير مرضية..فأسلوب اتخاذ القرار في اشراك الإعلام في الوقت الحرج يعني أننا سنتعامل بنفس الأسلوب التقليدي البليد الذي تترتب عنه لحظة فوران وأعوام خمول بينما المشكلة بحاجة إلى تعبئة طويلة المدى. أعتقد كان الأحرى بالمجلس الوطني الأعلى للسكان وصندوق الأممالمتحدة عند التخطيط لأوراق عمل المؤتمر الوطني الرابع للسياسات السكانية الذي سيعقد في «10 12» ديسمبر القادم أن يطلبوا دراسات إعلامية ترسم الآليات المناسبة لحملات التوعية، وتحدد قنواتها وسبل ضمان نجاحها.. وتترك للجهات الحكومية المعنية مناقشة مايخصها بشأن السياسات التنموية.. أما أن يقلق الجميع خلف أبواب القاعات المغلقة، ويطلقوا التحذيرات دون وسيط لنقل قلقهم إلى الشارع، والبيت وفراش الزوجية، فإنه أمر مستغرب ولاينم عن ذكاء كبير ووعي بطبيعة المعالجات المطلوبة للحد من الانفجار السكاني وتقليل آثاره ومخاطره الحتمية!!