يستمد الحديث عن يوم الثلاثين من نوفمبر المجيد أهميته من صعوبة وحجم المعركة التاريخية التي خاضها شعبنا اليمني للتخلص من أعتى وأقوى قوة استعمارية، وهو الاحتلال البريطاني للجزء الجنوبي من الوطن والذي استمر قرابة «128» عاماً، ولذلك فإن المدى الزمني بين انطلاق شرارة ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م، والتي هي الامتداد الطبيعي لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وبين تحقيق الجلاء ورحيل آخر جندي بريطاني في الثلاثين من نوفمبر 1967م يعد إنجازاً أسطورياً لشعب أعزل، استطاع بالإرادة وبإمكانيات محدودة أن يجبر الامبراطورية العظمى على الاعتراف بحقه الكامل والمشروع في السيادة على أرضه، مايعني انتهاء كل أشكال ومحاولات الوصاية التي حاولت أن تفرضها من خلال مجموعة من العملاء كمحاولات أخيرة، تعكس مدى تشبث المستعمر في أن يكون له موطئ قدم حتى بعد رحيله وذلك من خلال انتهاج سياسة فرق تسد، إلا أن الحقائق على الأرض أعطت السيادة الكاملة للشعب من خلال الجلوس على مائدة التفاوض مع ممثلي الجبهة الوطنية التي تشكلت من مختلف الفصائل السياسية الوطنية بمختلف اتجاهاتها السياسية ومشاربها الفكرية «يسارية قومية ماركسية» لذلك وعطفاً على ماسبق فإن الاحتفال بهذه المناسبة الوطنية العظيمة لابد أن نتذكر معه وبه حجم النضال التحرري الذي استمر قرابة الخمس السنوات من قيام الثورة الأم سبتمبر وقرابة الأربع السنوات من انطلاق ثورة أكتوبر، ومع ذلك لن نستطيع أن نعطي أولئك الأبطال حقهم من التقدير لكن الوفاء لهم يقتضي السير على نهجهم وهداهم، ومن أولى الأولويات في هذا الصدد أن نصون وحدتنا الوطنية وأن نتصدى لكل الذيول الحاقدين والمتربصين، الذين يسعون إلى إثارة النعرات وتمزيق الصف الوطني وبالتأكيد لن تكون هذه المهمة أصعب من التي قام بها أسلافنا. نحن اليوم نمتلك من القوة المادية والبشرية والفكرية مايكفي لإفشال أي مخطط تآمري على وحدتنا والتي ليس من المصادفة بل من الاعتراف والتكريم، فقد تم توقيع اتفاقية الوحدة في الثلاثين من نوفمبر 1989م في مدينة عدن الباسلة بين قيادتي الشطرين. وقد مثل توقيع الاتفاقية نقلة تحول تاريخية حاسمة في الانتقال بقضية تحقيق الوحدة اليمنية من طور المفاوضات والتباحث والحوار على مضمون دولة الوحدة إلى إقرار الصيغة النهائية لدستور الجمهورية اليمنية قبل إحالته إلى عملية الاستفتاء الشعبي بعد تحقيق الوحدة اليمنية وليس قبلها، مايعني أنه كيفما كانت المسودة أو نتائج الاستفتاء لذلك ليس بشروط بالوحدة ولكنها إجراءات تفصيلية.. كان من المقرر أن يتم تحقيق الوحدة خلال عام من توقيع الاتفاقية إلا أن حرص قيادتي الشطرين والخوف من وجود مؤامرات اختصر المسافة إلى النصف وبعون الله تحقق الحلم في الثاني والعشرين من مايو 1990م الذي صار من الأيام الوطنية الخالدة في تاريخنا الحديث والمعاصر