ما زلت مؤمناً أن ثمة من يعيش فقط ليعيش ويسقط واجب الحياة على عاتقه ، والمأساة أنه لم يعِ بعد ما يجب أن يفعله حتى لا يبقى عالة على نفسه ، أهله، الوطن، والوطن «مش ناقص» من أمثاله ! يجب أن ندرك تماماً أهمية أن نقدم شيئاً لهذا الوطن.. لا أن نكثر من إجهاده كما يفعل كثيرون هنا..! حين لا يتمتع الشباب بروح المبادرة والإقدام يفقد معنى أن يكون شاباً بمقدوره تقديم الكثير بعيداً عن السلبية المرافقة له ولجمع غفير من أبناء شريحته. الحيوية التي كانت ملازمة للشباب في ماض ليس بالبعيد عنا ، ماض كان الشباب فيه جذوة من التوهج والتفاعل مع محيطهم الاجتماعي يتأثرون ويؤثرون بإيجابية عالية.. اليوم يبدو الأمر مختلفاً ، ويدعو للغرابة لمايحدث من سلبية ولا تفاعل ، فالشباب إلى هذه اللحظة لم يعوا بعد مشاكلهم ، ولم يلتفتوا حتى لقضاياهم الشبابية ، فما بالنا بقضايا مجتمع ووطن يعول عليهم الكثير. أدرك تماماً معنى ألا نحمل قضية كشباب .. ليس أقلها الاهتمام بنا ، وليس أكثر من ذلك والأمر ليس بحاجة سوى الالتفات جيداً إلينا.. وهذه قضية ذات أهمية ستمكننا من المرور نحو الغد بثقة عالية. تفاجأت بكثير من الشباب ينفون حتمية المستقبل.. يقول المفكر الفرنسي روجيه جارودي في مقدمة أحد كتبه : باتت المليارات من البشر عند نهاية القرن الحالي ترزح تحت وطأة القلق الداهم ، والعائد إلى ارتفاع مستمر في معدلات البطالة والبؤس ، إلى جانب الوجود المتنامي للشعور بفقدان الأمن وسيطرة العنف المتفشي في معظم أرجاء العالم.. غير أن الدافع الرئيس لوجود هذا القلق يعود إلى الإحساس بأن حياتنا الشخصية والتاريخ الذي يجمع مابين كافة الأمم والشعوب بات من دون أي معنى حقيقي ، لا بل من دون مستقبل ، وهي العبارة التي باتت تروج اليوم على قمصان شباب العالم!! يبدو أن شباب العالم يعيشون حالة عدم توازن أو طمأنينة إلى المستقبل المطمور بين ركام من الأيام والأشهر والسنوات التي تبدو هي الأخرى في عداد المجهول الذي لا مفر منه. المستقبل كحلم يجب أن يصنعه الشباب أنفسهم بعدم الارتكان على «العجزة» لصياغة مستقبلنا المغاير باعتبارنا خلقنا لزمن غير زمانهم ، لزمن مختلف في تاريخه وفي تكويناته المختلفة. يعيش هنا الشباب حالة تفاؤل ممزوجة ببعض القلق الذي يراه البعض مبرراً ، وإن كنت أرى خلاف ذلك ؛لأسباب ليس أقلها أن الحياة بحاجة لتفاؤل أكبر ، حتى نتمكن من مقاومة ظروف الحياة نفسها ؛ لأن الحياة مكلفة ، وتحتاج لقوة كبيرة يجب أن نتمتع بها حتى نستحقها على حد «نيتشه» المؤمن بأن الحياة هبة عظيمة ، يجب أن نكون عند مستوى هذه الهبة الإلهية. ليس ثمة ما يستدعي الحياة بعيداً عن التفاؤل بغد نتصوره جميلاً مطرزاً بالحب.. حاملاً باقات أحلامنا التي تنتزع انتزاعاً ولا توهب كمايقال. يجب على الشباب معرفة أهمية هذا الكائن المختبىء «المستقبل» وما يمثله لهم كونه يعنيهم ولا أحد سواهم.. ونحن على ثقة بأن المستقبل نحن من يصنعه و..و..و.. وليس أدل على ذلك من أننا من سنعيشه ، إما كما حلمنا به وإما العكس .. وهو في كلا الحالتين نتاج ما نقدمه اليوم.. أو ما نبذره من بذرات سيأتي أكلها لا محالة!