أثارت نقطة الأمس فاصلاً من الانفعال عند قارىء لم أجد تفسيراً لثورته إلاّ احتمال تناول وجبة إفطار من طماش العيد.. ومبعث الدهشة من حدة الاتصال أننا نحتاج فعلاً لاستبدال الانفعال مع الآراء بالتفاعل واستبدال الزعيق بالحوار الهادىء الذي يؤكد أن العقل «زينة». وفي إثارة موضوع تحول التسول عند البعض من حاجة اضطرارية إلى ممارسة هواية ثم إعلان الاحتراف.. ماهو العيب في أن نناقش أمراضنا الاجتماعية بجرأة وموضوعية. ليس مهماً أن نعيد ظاهرة التسول إلى فشل سياسات الحكومة أو غلبة الفساد على الموارد أو أن غياب مسحة الحياء عامل إضافي.. المهم أن نعترف بالظاهرة وبأنها تسيء إلى الجميع. لقد تحوّل التسول إلى فنون والشحاتة إلى جنون.. مطاردة للسياح بطريقة اللعب «رجل لرجل» .. خبط في الأماكن الزجاجية للسيارات.. استعراض مبالغ فيه للأوجاع والعلل.. وبلغ الأمر بمتسول قوي البينة.. مسبّع ومربّع أن يحمل طفلة صغيرة عند إشارة المرور في الثلث الأول من الليل وفي زمهرير الشتاء..! أما كان جديراً بمثل هذا أن يستجدي الناس أثناء درجة الحرارة الصغرى أثناء النهار مثلا..؟؟ {لايمكن بأي حال إغفال توجيه اللوم لكل مسؤول معني بالحد من مثل هذه المشاهد.. ولكن أيضاً لا بد من طريقة يتم فيها التفريق بين المحتاج وبين من يدعي الحاجة متخذاً من التسول مهنة وقاعدة للكسب السهل..! وبعد أن صار فاعلو الخير يحتارون في معرفة من يستحق ومن لا يستحق صار من حق المتسولين لحاجة وعجز كامل أن يتداعوا لتشكيل نقابة تمنع تكاثر الدخلاء على المهنة.. ومن يدري ربما ينجحون في الذي فشلنا فيه كصحفيين وكتاب رأي.