إن التجربة العربية مع الإدارة الأمريكية أنهت الثقة في السياسة الأمريكية والانسياق وراءها..الانسياق وراء السياسة الأمريكية خلال الفترة السالفة إنما هو من باب المجاملة والتّقية من شرور الإدارة الأمريكية التي صارت تبطش بكل من يقف في وجهها أو يرفض ما تريد، لأن الفترة الماضية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي فقد التوازن الدولي وانفردت الإدارة الأمريكية بالعالم منتهجة ضد العالم سياسة القوة والبطش. لكن بدأت روسيا تعود كقوة، وخرجت الصين كقوة، وكان لتورط الإدارة الأمريكية في العراق، وأفغانستان عسكرياً أثر في تراجع الهيمنة الأمريكية على العالم.. فالفشل الأمريكي في العراق وأفغانستان، وهزيمة مشروعها في لبنان عسكرياً وسياسياً بدد الخوف من الإدارة الأمريكية وبدأت كثير من النظم تتحرر من الخوف، وتعاكس وتقاوم وتمانع الانصياع للإرادة الأمريكية. حاولت الإدارة الأمريكية أن تحرض الأنظمة العربية التي سمتها المعتدلة ضد سوريا وحزب الله وحماس وإيران كأطراف عربية وإسلامية متطرفة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.. لكن الأنظمة العربية المعتدلة عقلها في رأسها، وسايرت الأمريكان نظرياً لكنها عملياً ظلت على تقارب وعلاقة مع أشقائها وإخوانها. سعت الإدارة الأمريكية إلى تحريض أقطار الخليج ضد إيران ومضت حثيثاً وبكل جهد ونفاق وتدليس لأن تجعل من أقطار الخليج عدواً لإيران وتعزز لديهم أن العدو الذي يهددهم هو إيران، وليس الكيان الصهيوني، وأن إيران النووية أشد خطراً من الكيان الصهيوني النووي.. لكن رغم كل ما بذلته من جهود كانت أقطار الخليج مدركة لمخاطر السياسة الأمريكية واتباعها فحافظت على علاقاتها الاخوية مع إيران.. وآخر محاولة في هذا الاتجاه كانت من خلال مؤتمر «أنابولس» الذي فشل فشلاً ذريعاً بفعل وعي وإدراك النظام العربي الخليجي لأهداف أمريكا الصهيونية.. فكان الرد أن حضر أحمدي نجاد إلى قمة مجلس التعاون في ديسمبر 2006م، وتلقى في نفس المؤتمر دعوة من الملك عبدالله لأداء فريضة الحج.. ولُبّيت الدعوة من قبل نجاد.. وفي كل هذه الفعاليات وغيرها مؤشرات على فشل السياسة الأمريكية ومشروعها الاستعماري الجديد، وولوج النظام الجديد بداية النهاية له.