على المستوى الفلسطيني المقرون بالوعود الغنائية الأمريكية التي كررها بوش دوماً، والقائلة بدولتين فلسطينية واسرائيلية.. على هذا المستوى لا يخرج الأمر من نطاق الوعود المستحيلة، فالأرض المحتلة تحوّلت إلى كانتونات فلسطينية تكمل مشهد التفخيخ البشع بالمستعمرات الاستيطانية الاسرائيلية المنتشرة في عموم الضفة الغربية، وخلال سنوات الاحتلال المديد تفننت اسرائيل في انتزاع أسباب الحياة من ماء وطاقة، وأكمل جدار الفصل العنصري بقية المتوالية الجهنمية للاستلاب المسبق، والتعطيل المتعمد لأي قابلية طبيعية لدولة فلسطينية افتراضية..هذا الوضع المحتدم والمحتشد بكل أسباب الموت والدمار يتوازى معه سيناريوهات حرب الخريف المعلنة، تلك الحرب التي يُلوح بها أمريكياً والتي ستشن على إيران تحديداً، وربما على ثلاث جبهات “إيرانوسوريا ولبنان”، فالطرفان الأمريكي والإيراني ليسا وحيدين في المعادلة المباشرة للحرب المحتملة، فمن المؤكد أن أمريكا ستلجأ إلى أفضليتها المطلقة في سيناريو الحرب الاستباقية، وربما استعانت باسرائيل منذ اللحظة الأولى، وربما بعد حين، وبالمقابل لن تقف إيران مكتوفة اليدين، بل ستستخدم أيضاً أفضلياتها النسبية عبر تحالفها مع سوريا وحزب الله، والعمل على توسيع نطاق الحرب ومدتها الزمنية، الأمر الذي سيفتح أبواب جهنم لاحتمالات مرعبة ربما كان أبسطها نيراناً حامية في الخليج العربي، وإغلاقاً لمضيق هرمز، وانتشاراً خطيراً لمواد سامة في مياه الخليج، وارتباكاً مؤكداً في الأوضاع العامة للإقليم، ومفاجآت أخرى تتجاوز حسابات جنرالات الحرب والمتاهات. إذا شنّت أمريكا حرباً على إيران فإنها بذلك تثبت مدى استهتارها بعلاقاتها العربية والخليجية منها على وجه التحديد، وبهذا ستقول للعاملين: إننا لا نعتبر هذه المنطقة سوى نبع استزادة بالوقود ولا تهمنا مصائرها..في هذا الأفق تبدو المخاتلة الصريحة في جولة الرئيس بوش، فقد سمع الرئيس الأمريكي من العرب ما لا يسره ويرضي خطته الهجومية على إيران، لكن هذا لا يلغي مفاجآت قيادة الحرب العالمية ضد الإرهاب.