يقول الإمام الشافعي : والتّبر كالتُّرب ملقى في أماكنه والعود في أرضه نوع من الحطب فيجري مقابلة بين الذهب والتراب ( التّبر والتّرب ) مؤكداً أن الذي يرى في العود ذهباً هو من يعرف العود بوصفه نوعاً من الخشب النبيل ذي الرائحة الزكية، كما إن مكانة العود النبيل تتقلّص في المناطق التي تنمو فيها تلك الأشجار، حيث إنها في عُرف ومفهوم سكانها ليست إلا نوعاً من الحطب أو الخشب، أما بالنسبة لمن لا يرى العود في بيئته فإنه يراه معادلاً للذهب في ندرته وسعره ومكانته . كتب ابراهيم الكوني رواية “ التبر” التي تروي لنا حكاية الصحراوي الطوارقي “ اوخيّد “ وعلاقته بالمهري ( الجمل المهري : نسبة إلى ذلك النوع النبيل من الجمال التي تعيش في صحراء اليمن، والإبل المهرية نجائب تسبق الخيل، منسوبة إلى قبيلة مهرة بن حيدان من اليمن ) . ذلك الجمل الذي أسماه “ الأبلق” قياساً إلى لونه الاستثنائي الزاهي، سيصبح مركز الرواية وقلبها النابض لأن “ اوخيّد “ يعتبره سبب الانعتاق من الارتهان للناس والطبيعة، فهو رفيق الدروب الطويلة، ورمز الوفاء، ومصدر الإلهام، وحالة السكينة المفارقة لمألوف العادات الدنيوية في مناطق الحضر والواحات الساكنة الوادعة ، غير أن “ الأبلق “ وصاحبه محوكمان بنواميس الحياة ووحشية الأيام ، وكلاهما يلقى نفس المصير الذي يرينا مدى تنكُّب الكائنات لمشقة حياة عامرة بالارتهان طالما ظل الكائن فاقداً لقيمة الحرية وجوهرها . أساس الحرية الاستغناء عن النوازع ، لكن هذا أمر مستحيل كما سنرى تباعاً..