عاصمة الثقافة العربية تقليد حميد ؛ لأنه تأكيد على أن الثقافة في مختلف الأقطار العربية لا هوية لها خارج العروبة بمفهومها الشامل،فالعروبة ثقافية أولاً ،ثانياً،وثالثاً...وهي بهذا المعنى تتأبى على السلالة والقبيلة والعشيرة والطائفة والدين، وتؤكد ،مجدداً،أنها تنبع من عبقرية التاريخ والجغرافيا التي تموضعت في أساس البيان العربي وفضاءات تفاعله الشامل والحضارات الإنسانية،فأصبحت العربية الوعاء الحاضن لهذا التنوع الكبير وأصبح قدر العرب أن يكونوا عرباً؛ لأنهم يحملون هوية ثقافية واحدة لا أقل ولا أكثر..أما دمشق ،فإنها في قلب الصدارة من معادلة الحضارة والهوية العربية التاريخية ؛ لأنها عاصمة الخلافة الأموية وقوة الدفع الأساسية لإمبراطورية امتدت من جبال بيرنس الأوروبية إلى الهند والسند ،وتغلغلت في أقاصي الجنوب إلى قلب افريقيا..وعندما نتحدث اليوم عن العروبة الثقافية يتجاوز القصد تلك الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ليصل إلى العمقين الآسيوي والافريقي،وآية ذلك شواهد الآثار اللغوية والثقافية وأنماط الحياة في كثرة كاثرة من بلدان العمقين،وعلى سبيل المثال لا الحصر ،تشاد ومالي والنيجر وارتيريا واثيوبيا وكينيا في افريقيا ثم إيران وافغانستان وباكستان ودول الجنوب الروسي..دمشق ترمز بمثل هذه المعاني إلى أنها عاشت ألفية كاملة تحتضن الهوية العربية ،وتعيد إنتاج مرئياتها في الفلسفة والكلام،في الفنون والإبداع،وفي الموسيقى والعمارة..وليس غريباً،والأمر كذلك ،أن تكون سوريا البلد العربي الوحيد الذي يعتد بجذوره الثقافية العربية ويعمم التعليم باللغة العربية في كل مراحل الدراسة،ويؤسس لعلم عربي عالمي يمر عبر لغتنا الاستثناء...أقول ذلك بمناسبة تهافت الوزارات والمعاهد العلمية والجامعات العربية على اللغات الأجنبية وإهدار اللغة العربية حتى إن دولة مثل تشاد غير العضوة في الجامعة العربية تحرص على تعميم التعليم باللغة العربية فيما يتخلى البقية طواعية عن مجد الحقيقة التاريخية والموضوعية ليتماهوا سلباً مع الآخر..! هذا ماقلته في استطلاع للرأي،وهذا مما يتسع الكلام فيه عن دمشق فتضيق العبارة ويحلق المعنى على حد تلميح النفري..