هذا الأسبوع قلّبت أوراقي بحثاً عن رسالة تبللَت بماء أحزاني فلم أجدها، وصرخت في وجه أحرفي المبعثرة على بياض جامد تلبسته السنون فلم تعر صراخي أدنى اهتمام، وانصرفت تلملم أطراف هزيمتها، وتتكور في ركن قصي وكأنها تنحاز للزمن القديم، وتنكر كل الذي جرى، حيث وشمتها ببعض حزن وأحلام وأوجاع وكثير من الذكريات، وأقواس قزح. *** في انتظار المناديل والذكريات وأحلام السنين الماضية التي لم تأتِ.. كانت لهفتي أن أرى تلك المناديل.. وأن ألثم أطرافها الغارقة في ثنايا الحنين، لكنها فرَّت من بين أصابعي وأطلقت لساقيها العنان.. فمن يعد سوسنتي إليَّ؟!. *** وحدها باقية على جدار قديم، تحلق في الفضاء تعيد التقاط الصور، وتفتح سجل قاموسها فتنبَّت في الذاكرة كل الذين مضوا وارتسموا، وهاهي واقفة تحلق في القادمين، وتطلق زفرة في السماء، وكأن الذين أتوا لم يطبعوا على وجهها قبلة أو يتركوا ذكريات. وحدها المرآة تكشف عوراتهم، تزيل المساحيق وتفضح تجاعيدهم، وتبحث عن ما خبأته السنون حتى إذا جاء إليها الغافلون أضاءت عليهم أنوارها، ومضت - في غفلة - وهم ناصتون!. *** أفتش في الذكريات عن سوسنة كانت هناك، وأركض لألمسها، لكنها تسافر عن ناظري فجأة، تنام تحت أوردتي فتنبت ثانية، ولا ألتقط هذه «السوسنة». فمن يعيد سوسنتي إليَّ؟. *** جميع الذين مشوا في جنازتها، أربكهم صوت أقدامهم؛ فكانوا يطيرون خفافاً تحت أكفانهم!. هل هم الميتون، أم «سوسنتي» حاضرة في جنازاتهم؟!.