كانت فكرة مناسبة وجيدة إقامة معرض مفتوح للكتاب في الهواء الطلق بالعاصمة صنعاء خلال الأسبوع الماضي، وهي جيدة لأنها اختارت ميداناً عاماً ومفتوحاً يكتظ بالمارة هو ميدان التحرير. قد يكون الاقتراب أكثر من الناس والتقرب إليهم عبر فعاليات مشابهة ومتنوعة فيه الكثير من الفائدة لجهة استقطاب القراء والتشجيع على علاقة مع الكتاب والقراءة. لكنني أستغرب في المقابل أن تلجأ الجهات المعنية بنظافة وبيئة العاصمة صنعاء إلى ملاحقة باعة الكتب وطردهم من أرصفة ميدان التحرير نفسه؟! أولاً: أنا لا أفهم ما علاقة مشروع النظافة بالأمر؟ إلا إذا كان لايزال هناك من ينظر إلى الثقافة باعتبارها نوعاً من «الملوثات» وإلى الكتب بوصفها «مخلفات» وقمائم تضر بالبيئة وتشوه العاصمة!! وثانياً: باعة الكتب يعرضونها في أماكن بعيدة عن المارة والشارع.. وهؤلاء تجد لديهم كثيراً من العناوين وبأسعار مقبولة ومعقولة، وهم وحدهم يخدمون الثقافة والقراءة والقراء أكثر من غيرهم، فلماذا هم مطاردون؟! أليست مفارقة تدعو للتوقف والمقارنة أن تحتفل الجهات الرسمية والسلطة المحلية بأمانة العاصمة بمناسبة تنظيم معرض طارئ وعابر للكتاب في ميدان التحرير، ونسمع كلاماً جيداً يشيد بالخطوة ويعتبرها «حراكاً ثقافياً». وفي المقابل تتم مطاردة وملاحقة ومنع الباعة من الأرصفة، لأنهم يعرضون الكتب أمام المارة والمتسوقين والمتنزهين، رغم أنهم يوفرون معرضاً دائماً ومفتوحاً للكتاب في الهواء الطلق من دون حاجة إلى روتين رسمي وقص شريط ونفقات تمويل؟! أعجب من ذلك أن محترفي الطب الشعبي وباعة المساحيق والأعشاب يفترشون الشوارع والأرصفة والأسواق ولا أحد يسألهم أو يهتم بحماية الصحة العامة.. وكأن امتهان الطب والمعالجة بالأعشاب بطريقة بدائية وعشوائية أخف ضرراً من بيع الكتب والترويج للقراءة والثقافة! إذا كان الأمر معنياً بالنظافة والبيئة، فأرى أن الكتب والمجلدات تزين الشوارع والأرصفة وتخدم البيئة والمجتمع وليس فيها ما يدعو للقلق أو الخوف بدعوى حماية العاصمة والبيئة من الملوثات، فقط لننظم العملية ولنحترم الكتاب وباعة الكتب. شكراً لأنكم تبتسمون