الواقع الفلسطيني اليوم، يرسم لوحة صادقة ومعبرة عن واقع النظام العربي ، من اللحظات الأولى لاستلاب القطرالفلسطيني ، وزراعة الكيان الصهيوني .. فقوافل اللاجئين الفلسطينيين الموزعة على العالم وفي مخيمات على الأرض العربية في أكثر من قطر ، والمتابع لواقع اللاجئين في هذه المخيمات وفي الشتات، يدرك جيداً حجم المأساة التي يعيشها هذا الشعب وحين ننتقل إلى جانب آخر من جوانب اللوحة ، نقرأ فيه قصة نزيف دائم لم يتوقف من لحظات الاحتلال الاستيطاني إلى اللحظة ويبرز النزيف الطاهر بصور القوافل من الشهداء ،الأطفال،النساء،الشباب والشيوخ، التي تجسد الهمجية الصهيونية الأمريكية ، التي ترى في قتل الأطفال دفاعاً عن النفس ، وترى في قتل النساء حماية لقطعانها الاستيطانية، وترى في قتل الشيوخ منعاً لانتشار التهديدات الموجهة لوجود الكيان واستقراره ، وترى في قتل الشباب، منعاً لما يسمونه الإرهاب ، ومن ثم حماية المستوطنين وتوفير اسباب البقاء للكيان الاستيطاني على الأرض العربية في فلسطين. وبأسباب خيانة النظام العربي ، صارت فلسطين العربية المسلمة قضية تؤرق كل ذي ضمير إنساني حي، وتوجع كل ذي إحساس يهتم بالإنسانية والحرية ، وتفزع كل ذي عقل وقلب يقدر الكرامة ويعمل على حمايتها وتقلق كل ذي لب يفطن الحقيقة ويقدسها فهذه القضية ، جمعت من ولادتها ومسيرتها واستمراريتها تفاصيل الألم والشتات واقتلاع التاريخ وزراعة الزيف وصناعة الخنوع وصياغة الاستسلام وجمعت أيضاً شرف المقاومة ونبل الدفاع عن الحق والتاريخ وسمو الهمة في الجهاد والصمود وغزارة التدفق في مسار التضحية والبذل والعطاء وكثافة الصور المملوءة حماساً وتطلعاً للحرية وتمسكاً بالكرامة وهياماً بالسيادة والاستقلال واسترداد الحق والتاريخ، وإقبالاً على الموت لصناعة الحياة المأمولة للأجيال.. وتوليد الغد المنشود من رحم المعاناة والألم واللجوء والحصار. نعم إن هذه القضية التي أريد لها أن تنحل كل يوم وتتضاءل بنظر رواد الخيانة وأساطينها لتصير من قضية تمتد على فلسطين كل فلسطين إلى قضية لاتتجاوز في أحسن التقديرات %12،5 من التراب الفلسطيني الطاهر الذي باركه الله وبارك من حوله.. لا يمكن لها أن تكون كذلك ما دام فيها وعليها مقاتلون أشداء، ركبوا المخاطرة، وتكيفوا على مواجهة الموت بمعنويات عالية وإقدام منقطع النظير، وتأقلموا مع الحصار وعاشوا مراراته وقسوته، وتذوقوه بحلاوة الإيمان، وقوة اليقين، وثبات العقيدة، ورسوخ الحق في العقل والقلب والذاكرة.. فهاهي غزة الصمود، غزة المثل الأعلى في القبض على الجمر، والسير على الشوك. والنوم على الجوع ، والمكايدة والصبر على الجراح وسجلت بكل ذلك وبكونها المثل الأعلى ، مشاهد توقد في كل قلب ينبض بالسلام والمحبة جذوة المجاهدة وقتال الغاصبين، ومقاومة الاحتلال وأعوانه وأياديه وأقدامه في فلسطين السليبة وفي كل شبر على الأرض العربية. نعم إن غزة اليوم، هي الحقيقة التي سنراها غداً ماثلة على كل شبر في فلسطين من الماء إلى الماء، تقتلع بثوريتها، وقدرتها على المقاومة والصمود والمبادأة، والمواجهة، قطعان الاستيطان وحلفاءهم، ومن لفّ لفّهم، كما أنها ستكون ومعها جنباً إلى جنب بغداد العروبة المجسدة للمقاومة العراقية الاسطورية، الصورة التي تعلو كل الهامات العربية وتسكن كل القلوب العربية، وتشدو بصمودها وانتصاراتها كل الحناجر. وهذه ليست احلاماً، ولكنها الصورة التي نراها تعتمل في رحم الأمة من خلال فلسطين والعراق. والله من وراء القصد ..