مع أفول المنظومة الاشتراكية وتفرد النظام العالمي الجديد ذو القطب الواحد بالعالم وعد هذا النظام العالمي بجمهورية فاضلة لدول العالم فيها السماح بالتعددية السياسية والحزبية ومبادئ الشفافية والشراكة.. وكأن هذا النظام يقدم للدول طعماً لم تتعود عليه فاضطربت العقول والأفكار والبشر ودخلت عدد من دول العالم في مفارقات بل ومآسٍ وأتون حروب داخلية وأهلية وعرقية فهل التعددية الحزبية اطار سياسي ملائم وهل تستطيع الأحزاب فيما بينها وهي في وطن واحد أن تتعايش ولا تلجأ لاستخدام القوة سواء القوة السياسية أو الأخلاقية أو العسكرية أم أنه إيحاء من النظام العالمي لتلتهي هذه الشعوب بلعبة التعددية والنماذج ماثلة في فلسطين وكينيا وقبلها في الجزائر وحالة أخرى استثنائية جداً كحالة العراق ونتائج ماسمحت به القوى السياسية من الاستعانة بقوات التحالف بدخول واحتلال العراق ومالحق بها من دمار لن تنساه الأجيال القادمة بأنه في يوم ما أسود استعان نفر من الشعب العراقي بالتحالف بحجة إخراج البلد من كابوس النظام السياسي القائم وإذا بالأمر ينطبق عليه القول «ياهارب من الموت ياملاقي له» وأي موت وأية عاقبة وخيمة مخجلة ونزيف للبشر والقيم. والحال نفسه في الصومال ومثله في أفغانستان حيث الفرقاء السابقون لم يحسموا أمرهم وظلوا حتى بعد انتهاء عدوهم السابق في تصفية الحسابات بينهم. إذن هل الديمقراطية وقبول الرأي والرأي الآخر ثوب ليس بحسب حاجة وطلب الدول النامية أم هو يصلح لدول ذات مستوى اقتصادي واجتماعي يقود إلى وضع سياسي يمكن فيه ممارسة التعددية الحزبية والسياسية؟ وهل علينا نحن في البلدان النامية أن نواصل الهرولة أم أن علينا أن نقف ونقيم لأن التقييم من أهم عوامل التنمية وحري بنا وبتجاربنا السياسية والحزبية أن نستفيد من مبدأ وتجربة التقييم وإلا فإن الأجواء مشحونة من الداخل والخارج. إننا بحاجة لأن تخدمنا مبادئ الحق في التعبير من رأي ورأي آخر والاستماع لذلك لتسهل العملية الديمقراطية وعلينا الاستفادة مما جاء به النظام العالمي الجديد ولنأخذ مبدأ «الحليم من الإشارة يفهم». وهي عملية ذاتية ينبغي أن تمارسها الأحزاب السياسية والقوى الوطنية لا أن ننقل حرفياً الديمقراطية وآلياتها دون استيعاب ومحاكاة معقولة. إن القدرة على تجديد العملية السياسية مسألة هامة يفترض أن تتناولها الأحزاب ليصار إلى تجديد وتطوير داخلي في حياتها التنظيمية لتستطيع عكسه على التجربة السياسية الوطنية ولكن أن تتعامل مع العملية السياسية بعموميات دون أن تخلق في كياناتها المختلفة حراك تغيير وتجديد فلن تستطيع استيعاب المتغيرات التي جاءت بها رياح النظام العالمي الجديد والعولمة.