في هذه الأيام ونحن نتنفس أجواء تربوية لاشك أن الخطيئة قد بدأت تنصب لها خباءً عند كل مركز امتحاني للشهادتين الأساسية والثانوية وأن ثمة من يشحذون سيف الخيانة لإراقة ماء وجوههم عند كل قاعة. لكن قد لايحدث ذلك.. لأن الحقيقة أن وجوههم لم يعد لها ماء فيراق،وذلك المهراق في قاعات الامتحان وساحات المدارس ليس سوى دماء الحاضر والمستقبل..! موسم الخطيئة هذا أصبح اليوم تقليداً سنوياً مشهوداً لينقل بعض عقليات ليس إلى ماقبل الميلاد لأن إنسان ذلك الزمان كان رجل علم ومعرفة وحكمة وكلها بالاتفاق حضارات مشرقة،ولكن ينقله إلى ذلك اليوم الذي قادت فيه الخطيئة إنساناً مقصراً ومهملاً لأن يثب حسداً على أخيه المجتهد فيجهز عليه. فصفارات الامتحانات تحدث هزاتها المعهودة في الوسط الاجتماعي فتجعله على جاهزية لتعويض أي نقص أو تفريط يدعيه الأبناء لكن تلك الهزات تخسر عن بعض ممارسات تتفنّن في نثر طموحات شعب وتطلعاته وآماله في يوم عاصف..! إن حالنا مع «الغش في الامتحانات» أبرز الآفات التربوية التي تنخر سمعة التعليم في البلاد وأمام العالم هو كحال تلك التي غزلتها من بعد قوة أنكاثاً،ذلك أن التعليم يأتي اليوم في أبرز أجندة الوطن المستقبلية ويراه الجميع المائدة التي سيأكل عليها إنسان الغد والمورد العذب لأهداف وتطلعات الوطن في تحقيق الرخاء واستدامة الخطى التنموية لكن يبدو أن الجهل والنزعات العابثة قد عرفت من أين تؤكل الكتف.. والسبب أن التعليم بوصفه مؤسسة وطنية عاملة وثغراً من ثغور هذا الشعب الطموح يأتي من يتحول على يديه من جراء قصاصات تسطّر فيها أحرف من جهالة وخيانة إلى «مؤسسة التثبيط الكبرى لتبديد خطى البناء والجهود الخيرة». كان قد تردد إلى المسامع منذ سنتين أو تزيد أن القائمين على التعليم قد توصلوا إلى أن الجامعات هي البيئة المناسبة لقياس تربوي حقيقي واستخلاص نتائج صادقة نستطيع من خلالها التعرف على موقع التعليم في حركة الحاضر وأين هي عجلة السير نحو المستقبل لكن يبدو أن هذه الرؤية قد أرسلت لها اللامبالاة جيشاً من الموانع والحجج والذرائع التي تجعل تنفيذها أمراً أصعب من امتطاء صهوة سفينة فضائية إلى كوكب المريخ..!! إن مايرتكب سنوياً بحق التعليم ونزاهته وثقة الجميع به لأمر يندى له الجبين وتهتز منه المروءة ويعتصر له القلب دماً وهو أكبر من أن يحتوى في بضع كلمات فثمة كتب تمزق وممتلكات عامة تتعرض للإتلاف من جراء محاولات التسلل،وثمة من يتعرض للضغوط والتهديدات وآخرون يعتدى عليهم من رجال الاشراف والمراقبة وأنتِ ..أنتِ يا إدارات التربية والتعليم ماذا أعددت وبم َفكرتِ لتلافي ذلك؟ فإذا كنتم وجدتم أن المجتمع هو الذي سيحول بينكم وبين ماتشتهون لمَ لاتحثون الخطى لتعلموه دروس التضحية من أجل اليمن بانتهاج طرق تربوية تقيس مستوى التعليم بعيداً عن هذا القياس المعياري الذي أثبتت التجربة أن المجتمع يعطيه حجماً أكبر من حجمه ويرى فيه عدوّاً يحاول كسر شوكة الأبناء، فيتكالب عليه الصغير والكبير وتتناوشه سهامهم و«براشيمهم» فيسقط .. ويسقط المستقبل..؟!