عندما نفكر نحن اليمنيين في أخذ إجازة والتمتع بها لا نفكر إطلاقاً في السفر إلى باريس أو بيروت، ليس بسبب وجود عوائق من أي نوع «حاشا وكلا» ولكن لأننا نكره ركوب الطائرة ونصاب بدوار البحر!!؟ أنا شخصياً اخترت قريتي «الأعبوس» لأقضي إجازتي فيها، متمنية أن أغني مع أيوب قريتنا «ياحاملات الشريم والطل فوق الحشائش...» هذا طبعاً ماكنت أعتقده وأنا أجهز حقيبة سفري وأعزم الأهل والأصدقاء بالسفر إلى القرية والتمتع بالإجازة. بيد أن فليسامحني الأستاذ سمير اليوسفي وليسمح لي باستخدامها هذه المرة ذلك لم يكن سوى حلم أحمق وسخيف، اكتشفت حين أفقت منه أن دوار البحر الذي تسببه الطائرة أفضل بكثير من لخبطة ترتيب الأحشاء التي تسببها السيارة السائرة على جبال المغامرة التي تتبعثر عليها قرى الأعبوس بعد حادث العام الماضي الذي راح ضحيته ثلاث نساء وسائق السيارة في جبل تغرب. كنت أعتقد أن هناك إجراءات وحلولاً سريعة تم اتخاذها لتفادي مثل ذلك الحادث المروع الذي توزعت فيه أعضاء ولحوم الضحايا على أشجار وأحجار الجبل، وتم تجميع بعضها والباقي كان رزقاً للطيور، ولكن يبدو أن شيئاً من ذلك لم يحدث لا حلول سريعة ولا بطيئة، بل ربما تستغل الجهات المعنية هذا الحادث لإشغال العاطلين، وعمل مسابقة «اجمع واربح». أمور كثيرة في قريتي تثير الدهشة والاستغراب وتجعلنا نتساءل: هل نحن حقاً موجودون على خارطة الوطن ونحسب بشراً على الدولة ؟! هذه الكهرباء الحكومية التي دخلت القرية قبل حوالي عام ونصف لم نتعرف عليها إلا من خلال الفواتير المدون عليها اسم المؤسسة العامة للكهرباء. كهرباء الأعبوس تنطفئ «23» ساعة وتعمل لساعة واحدة فقط في اليوم، على اعتبار أن الإسراف في استخدام الكهرباء تبديد للثروة الحيوانية مثلاً !! وعلى قول «فكري قاسم» هي في الأصل محطة تساعد على التوليد والانفجار السكاني. أما أكبر منجز في الأعبوس فهو سد نمش لزراعة وتكثير «النامس» وربما هناك خطة مستقبلية تجعلنا نصدر إلى دول الجوار، طبعاً بعد الاكتفاء الذاتي! المشكلة أن افتتاح السد قبل سنوات كثيرة لا أعدّها لم يحصل على أية تغطية إعلامية، لكن بعد الافتتاح أصبحت سرايا النامس في كل بيت. إن غض الطرف بالكلية عن منطقة الأعبوس أهون بكثير من هذه الخربة والتعامل مع المشاريع التي تم الحصول عليها بعد طلوع الروح بهذا الإهمال واللامبالاة. المشكلة أن لدينا نائباً من نوائب الدهر في مجلس النواب يشبه الهواء لا له لون ولا طعم ولا رائحة، يطلع علينا في الانتخابات ببرنامج انتخابي طويل عريض، نسي أن يكتب في نهايته أصواتكم ولا صوركم. عموماً هو مشغول جداً بالمجانين يلاحقهم بشوارع الوطن، وفي خضم حربه وراءهم ينسى المجانين الحقيقيين الذين أعطوه أصواتهم.. «اللهم لاتسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولايرحمنا».