ولد لأبوين يمنيين يقيمان في بلد شقيق هو الصومال وفي مقديشو على وجه التحديد، عندما كانت الصومال تحت الاستعمار الإيطالي ، وتبعاً لذلك كان عليه أن يدرس في المدرسة الإيطالية وأن يكتب بالإيطالية كوالده اليماني الذي خرج أمياً من اليمن، لكنه تعلم القراءة والكتابة بالإيطالية عندما كان العسكريون الملتحقون بالحبيش الإيطالي مُلزمين بدراسة اللغة الإيطالية، وهكذا شاءت الأقدار أن يخاطب الوالد ابنه بمراسلات باللغة الإيطالية بدلاً عن العربية، وتلك شارة إلى فداحة الحال أيام الإمامة ، فالغلام الذي خرج من جبل صبر بالحجرية كان أُمياً ، وفي عدن شاهد إيطالياً يشتغل على آلة المبرقات القديمة «الطار » ، وحالما تيقّن الإيطالي من أن الغلام ينظر للآلة باندهاش مقرون بحب التطلع فطن لذكاء الغلام فعرض عليه الالتحاق بالعسكرية الإيطالية ، وهذا ماكان . في مقديشو التي عاش فيها ابن اليماني المهاجر كانت لغة الحديث العربية والصومالية، وكانت هناك روافد ثقافية متعددة ومتنوعة بطبيعة الحال، الرافد العربي الإسلامي بالمعنى الواسع للكلمة ، واليماني على وجه التحديد ، والرافد الصومالي العربي الإفريقي الذي كانت له بصماته فيما يتعلق بالتذوق الموسيقي تحديداً، ثم الرافد الإيطالي اللاتيني بالمعنى الواسع، وهو رافد لعب دوراً كبيراً جداً فيما يتعلق باستشراف جماليات اللغة الإيطالية من جهة والثقافة الأوروبية من جهة أخرى ، فكل هذه العوامل مجتمعة كان لها تأثيرها ، وكل حالة من هذه الحالات كانت لها ظلال مؤكدة ، فالتقاليد العربية الإسلامية الدينية كانت ذات طابع متصوف ، وكانت ذات طابع اجتماعي مختلف عن أنماط الحياة الأوروبية ، وفي ذات الوقت كان التعليم السائد إيطالياً بامتياز ، وكانت العاصمة الصومالية مقديشو نسخة مصغرة من روما الإيطالية ، ليس فقط من حيث التخطيط الحضري ، بل أيضاً من الناحية الثقافية اللغوية، وبعض أنساق الحياة اليومية ، ومن هنا نستطيع أن نلتقط بعض المسائل المتعلقة بالملامح العامة للبيئة الثقافية .. تعددية التلقي للغات الأخرى وإعادة إنتاجها ، ولكل لغة منطقها الخاص، ولكل لغة أيضاً بُنى لوغاريتمية ، وصرفية ، ونحوية، وصوتية خاصة. كل هذه اللغات واستتباعاتها الثقافية كانت تتفاعل وتؤثر في بعضها البعض، اللغة ليست حمّالة قاموس ودلالة فقط ، ولكنها أيضاً حمالة أبعاد صوفية وأخرى هندسية وثالثة إشارية وأبعاد تتعلق بطريقة التفكير ، وأخرى ذات صلة بكيفية إعادة إنتاج المعرفة