أكثر من عامين ونصف ومنتسبو قطاع التوجيه في التربية والتعليم وعدد غير قليل من الإداريين في المدارس وتحديداً وكلاء المدارس ينتظرون ليلة القدر حتى يتم الإفراج عن طبيعة العمل التي اعتقلها الروتين والفساد الإداري الذي أوصل الآلاف إلى هذا القطاع بدون أي معايير إدارية أو فنية، وإنما كان المعيار الشخصي هو المحدد الأساسي في ذلك فتجاوزت القرارات الوزارية وقرارات السلطة المحلية ومديري مكاتب التربية في المديريات كل اللوائح والأنظمة المنظمة لهذه القطاعات الاشرافية والفنية. تتذرع الجهات المعنية في الخدمة المدنية والتربية والتعليم بأن الخلل الذي اعترى قطاع الإدارة المدرسية والتوجيه هو السبب الرئيسي في عدم تسليم منتسبي هذا القطاع حقوقهم القانونية وهي محقة في جانب تصحيح الاختلالات لكنها ترتكب جرماً أكبر بحق الآلاف من العاملين في هذا القطاع وهم يؤدون عملهم بإتقان وإخلاص وكان انتسابهم إلى هذا القطاع بصورة قانونية وبكفاءة مشهود لهم بها والوزارة تعاقبهم بذنب لم يقترفوه وليس لهم أي علاقة بالاختلالات الموجودة في هذا القطاع بل إن المسؤولية بكاملها ترجع إلى الوزارة نفسها لأنها فتحت الباب على مصراعيه لكل من هب ودب وجاءت اليوم لتعالج أوضاعاً بعد خراب مالطا وعلى حساب من لاذنب لهم. الفساد الإداري الذي أصاب هذا القطاع الهام فعل فعله في الإدارة المدرسية والتوجيه فتم منح قرارات إدارية لمديري مدارس ووكلاء بدون أي معايير ومنح قرارات توجيه لعناصر لاتنطبق عليها أي شروط رغم أن اللائحة المدرسية واضحة وتحدد شروط ذلك وعدد الوكلاء بما يتناسب وعدد الطلاب في كل مدرسة إلا أننا نجد أن بعض المدارس يصل الوكلاء فيها إلى أكثر من عشرة وهو مايعني تعطيل القوى العاملة في الميدان. كلما تأخرت المعالجات زادت تعقيدات المشكلة وأصبحت الحلول أكثر صعوبة بل إن باب الفساد في هذا الموضوع ما زال مفتوحاً لممارسة نفس الأخطاء خصوصاً أننا على أبواب انتخابات نيابية جديدة وهي الأرضية الخصبة التي تتزايد فيها التوجيهات الشخصية والمصالح الذاتية على حساب أبنائنا ومستقبلهم ومستقبل التعليم عموماً. قبل أشهر كنا قد سمعنا أن المعالجات قد وصلت إلى نهايتها وأن إعادة أكثر من «007» موجه إلى الميدان قد اتخذ به قرار إلا أن التنفيذ لم ير النور وأصبح القرار حبراً على ورق وهو مايعني أن الجانب الشخصي والتوصيات عادت لتطل علينا بقرونها من جديد وتعيق تنفيذ أي قرار يمكن أن يصحح وضعاً خاطئاً. إن قراراً من هذا النوع يتطلب حسماً إدارياً رافضاً لكل الضغوط التي تستهدف التعليم والعملية التعليمية ويجب أن تضع الجهات المسئولة مستقبل التعليم ومستقبل أبنائنا في كفة ومصالح حفنة من أصحاب المآرب الشخصية الذين لايرون في المؤسسات الحكومية إلا جهات تنفذ توجيهاتهم لتحقيق مصالحهم بدون أدنى شعور بالمسئولية تجاه الوطن وأبنائه ومستقبله. قبل أسبوعين كان الأخ وزير التربية والتعليم قد صرح بأن الوزارة بصدد إصدار لائحة منظمة لقطاع التوجيه خلال أسبوع ومر الأسبوع والقرار لم يصدر ومايخشى منه الجميع هو أن تأتي هذه اللائحة لتشرع لمزيد من الأخطاء لأن اللائحة السابقة لم تطبق أصلاً حتى نحكم على فشلها أو نجاحها والقضية برمتها تتعلق بتجاوز اللوائح المنظمة لذلك والرضوخ المطلق للتوصيات الشخصية على حساب النظام والقانون. إن بقاء الآلاف من المخلصين في قطاع التوجيه والإدارة المدرسية بدون طبيعة عمل وربط حقوقهم بأخطاء وتجاوزات الآخرين هو أيضاً خطأ وتجاوز للقانون وجريمة إنسانية بكل مافي الكلمة من معنى فهل تصحو الضمائر؟؟!