الحراك الدائر الآن على الساحة الوطنية من اجل الاستحقاق الديمقراطي بين الاحزاب والتنظيمات السياسية انما يعكس الادراك بأهمية هذا الاستحقاق وضرورة المشاركة الفاعلة دون إبطاء او تسويف ، وهو ما يتطلب من هذه النخب ان تكون عند مستوى هذا التحدي ، خاصة وأن بلادنا قدمت تجربة متميزة في الالتزام بإجراء الانتخابات المتعددة في مواعيدها المحددة . ان التساؤلات التي تطرحها طبيعة السجال الدائر ازاء الاستحقاق الديمقراطي المتمثل في الانتخابات النيابية القادمة تتمحور في تردد البعض عن المشاركة الفاعلة في تدشين الخطوات العملية للوصول إلى هذا الاستحقاق ، خاصة اذا ما أدركنا ان مثل هذا التردد لا ينبع عن قناعات موضوعية وإنما لأسباب سياسية اذا لم نقل بانها مرتبطة بحسابات حزبية ضيقة . وحتى التعاطي مع مشروع التعديلات في قانون الإنتخابات فإن الأحزاب المتحفظة عليها سبق وأن شاركت في الاستحقاقات الانتخابية الماضية وكانت شريكاً فاعلاً في منظومة التشريعات ذات الصلة بالانتخابات خاصة والحياة الديمقراطية عامة . ولاشك بأن الصورة تبدو واضحة ازاء مواقف بعض هذه الاحزاب ، وبخاصة المعارضة منها ، حيث ترى بأنها غير قادرة على الدخول في هذا الاستحقاق دون ان تكون ثمة اتفاقات مسبقة على مرحلة مابعد الانتخابات لجهة الحصول على ضمانات للمشاركة المستقبلية في السلطة ، وهو امر غريب ، خاصة وهي تعرف تماماً بأن نتائج الانتخابات لايمكن حسمها مسبقاً فهي عادة متروكة للناخب الذي يقرر لمن يمنح ثقته في هذا الاستحقاق ، وبالتالي فإن المفترض بقيادات هذه الأحزاب ان تنزل الى الجمهور ببرامج لكسب ثقته قبل اي اتجاه للالتفاف على التجربة والإساءة إليها بمثل هذا التفكير الذي لايستقيم مع ابسط الحقائق المعيشة على ارض الواقع! ولهذا فإن الواجب يحتم على هذه القوى الدخول في المعترك الانتخابي دون اشتراطات مسبقة او محاولات الالتفاف على الديمقراطية كما يحاول البعض إقحام شرط مناقشة تعديل قانون الانتخابات بمسائل ترتبط بالقضاء الذي يعد سلطة مستقلة . إن الأمر الجوهري الذي يفترض ان تؤكد عليه هذه القوى التشديد على استقلالية القضاء وعدم التدخل في اختصاصاته تحت أي مبرر.