ممقوت هو الطمع ويدل على اختلال في سلوك صاحبه يضعه في صف اللئام، واللؤم مرض لايجدي معه دواء وأسوأ من ذلك عندما يدخل الطمع في تحديد المهور في الزواج وهو ما يمكن تسميته بالزواج التجاري حيث يهدف من خلاله ولي الأمر إلى تحقيق أكبر مردود مادي من زواج ابنته، التي تتحول إلى سلعة وفق مبدأ والدها ونظرته للأمور بعين الطمع والإعجاب بالنفس. هذا الوضع بحد ذاته مشكلة اجتماعية كبرى لها تبعاتها السلبية على المجتمع، لكن المشكلة الأكبر والأشد تعقيداً هي ذلك التناقض الصارخ بين أقوال البعض وأفعالهم وبين الظاهر والحقيقة فيما يتعلق بالزواج والمهور عند أولئك، حيث أصبح الطمع وأمسى يتستر خلف أقنعة زائفة من العلم والتدين ومن ثم الزهد والكرم والجود، لتتساقط كل تلك الأقنعة دفعة واحدة، ويتضح أن لاشيء من كل ذلك ، وأن المال هو المقصود الأول وهو المبدأ الأول الذي لايمكن التخلي عنه بأي حال من الأحوال ويتضح أن كل ماقد تسمعه من أحدهم وهو يحدثك عن الدين والأنبياء والصحابة والصالحين، والأحاديث والروايات التي تحكي عن فضائل الزواج الميسر ولو بآية من قرآن أو بخاتم من حديد، كل ذلك يتلاشى في لحظة واحدة ويصبح ذكر شيء من ذلك مبعث سخرية المتحدث عنها بالأمس لأن الأقنعة قد سقطت جميعها فأعلن صاحبها عن حقيقة نفسه المحكومة بالطمع وحب المال،وبذلك لم يستطع الوقوف عند مقدار المهر المتعارف عليه في المكان والزمن وهو مرتفع بكل المقاييس لكنه يضيف له تحت وطأة الجشع والطمع واللؤم وأشياء أخرى بما يشبع نفسه المريضة بحب المال، وإلا كيف يمكننا تفسير ربط أحدهم بين مقدار المهر المطلوب وسعر صرف الدولار وسعر برميل النفط عالمياً وتوقعاته بارتفاع الأسعار في المرحلة القادمة؟ وكأننا في بورصة مال لا أمام قضية زواج لاتستحق كل تلك المبررات والحسابات والعناء في الأخذ والرد... إن عين الغباء أن يظن إنسان ما أنه أفضل خلق الله، وأن المستمع أو المتلقي لايفهم فيتعامل مع الناس وفق هذا الظن فيجتمع عليه الطمع والغباء!! إننا أمام مشكلة بدأت تتجاوز حدود الأمية في العلم والدين وبدأت ترتبط أكثر بأمية مُغلفة بألقاب علمية ودينية، وهذه الأمية قد يصعب على البعض معرفة أصحابها بسهولة لأن الظاهر يغطي على الحقيقة وقبل أن تُكتشف الحقيقة تحدث الكثير من المصائب ويُخدع الكثير من الناس وهنا يأتي دور المثقفين وأصحاب التجربة وأصحاب الخبرة في التصدي لهؤلاء المقنعين وكشفهم للناس حتى لاتتحول المشكلة إلى ظاهرة في المجتمع وتستشري سمومهم القاتلة للقيم والأخلاق. ومن المؤكد أن طباع السوء لا يمكن أن تُغطى بشيء من «حنّاء» و«عطر عودة» كما أن الزيف لايستمر وإن ظن صاحبه بأن الناس لايفهمون ومثل هذا يصدق فيه قول الشاعر زهير بن أبي سلمى حين قال: ومهما تكن عند امرئٍ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ وحين تتضح الحقيقة لا يمكن للمبررات الواهية أن تغير شيئاً من قبح الفعل والفاعل ولا يمكن لصاحب الشر أن يسوق إلى الناس خيراً، ولا لصاحب الجهل أن يدعي علماً ومعرفة ووقاراً ولا يمكن للئيم أن يظهر يوماً بلباس الكرام وطباعهم لأن من يعبد المال يبقى عبداً له «ولاترجو السماحة من بخيل...»!!!