منذ اللحظات الأُولى كانت دولة الإمارات العربية المتحدة سبّاقة كعادتها في العمل على تقديم المساعدات العاجلة للمتضررين من السيول الجارفة في اليمن، وهكذا فعلت الإمارات في أزمة القمح المستحكمة عندما شرعت في منح اليمن آلاف الأطنان من القمح، واليوم تضاف إلى جُملة المكرمات توجيهات رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حيث أمر سموه ببناء ألف مسكن للمتضررين من السيول . تلك هي المثابة التي تُميز الإمارات منذ أن سن شرعتها الراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي ظل مهجوساً طوال حياته بحضارة اليمن القديمة، رائياً لأهمية بناء السدود وأنظمة الري الواسعة، ومُبادراً مُنذ فترة مبكرة من ثمانينيات القرن المنصرم ببناء سد مأرب التاريخي وقنوات مصارفه المائية لصالح الزراعة والحياة العامة، ولولا تعنُّت المتعنتين لشكّل سد مأرب الجديد منظومة مُتكاملة منيعة، تصُد السيول الجارفة، وتحيل الأرض اليباب إلى جنان، وتفتح آفاقاً مُتجددة للنماء الزراعي الحرفي في وديان الحضارة اليمنية القديمة . كارثة السيول أظهرت مجدداً رؤية الإمارات الناضجة، وحرصها البالغ على أن تلتفت اليمن لعبقرية المكان المُستمد من التاريخ والجغرافيا، فاليمن التاريخي استقام على الاقتصاد الزراعي مُتعدد المصادر والخيرات، وشكل سد مأرب محور الارتكاز المنطقي لسلسلة السدود وقنوات الري والصرف المنتشرة في طول وديان الحضارات اليمانية، ولقد أومأت كارثة السيول الأخيرة إلى ضرورة ملاحقة النواقص، وإعادة النظر في منظومة الأولويات الاستثمارية في مجال الزراعة من خلال تبني ترسية هياكل مائية لا توفر المياه فحسب، بل وتصُد غوائل الأمطار وتقلباتها المفاجئة .. تمنع الجفاف بقدر ما تحد من خطر السيول . مكرمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان تأكيد مُتجدد على الموقف الأخوي الإماراتي الدال على فضيلة العمل والعطاء الواجب دون منّة.