المشهد اليوم في عالم الصحافة في اليمن، مشهد مخيف ومرعب يؤشر إلى عدة دلائل، أبرزها التأكيد بأن الفوضى وغياب القيم والضعف المهني والافتراء على الحقيقة هو ما يسود الكثير من صحفنا التي تزداد أعدادها يوماً بعد يوم دون ضوابط وأعراف مهنية في عملية التراخيص الخاصة بإصدار الصحف ومن هم مالكوها وناشروها ورؤساء تحريرها إلى جانب ضعف ملحوظ في تطبيق قانون الصحافة والمطبوعات وغياب واضح لدور نقابة الصحافيين المهني، الأمر الذي جعل الباب مفتوحاً لمن هب ودب ولديه قليل من المال أن يتقدم لإصدار صحيفة وينال طلبه الموافقة تحت شروط معينة هي بمثابة ضوابط، ولكن وبعد عدد أو عددين من الإصدار نجد الحقيقة من وراء إصدار هذه الصحيفة أو تلك.. أتذكر يوم التحاقي بصاحبة الجلالة «الصحافة» قبل مايزيد قليلاً على ثلاثة عقود حيث كانت أولى الوصايا والنصائح التي سمعتها من الأستاذ الصحفي الكبير محمد عبدالله مخشف بأن «الصحافة مهنة خطيرة والقلم الذي سأحمله لأكتب خبراً أو مقالاً أو تحقيقاً هو سلاح فتاك يمكن لمن سيحمله ولايعرف كيف يحمله والهدف النبيل من حمله أن يهدم مجتمعاً وليس أشخاصاً» .. هذه العبارة التي أعتبرها منذ التحاقي بصاحبة الجلالة بمثابة «وصية ونصيحة» مازالت أمامي كلما أكتب أي نوع من فنون الكتابة الصحفية.. أقول كل ذلك بعد أن ضقت ذرعاً وصبراً مما أقرأه كل يوم من مانشيتات مثيرة وأخبار كاذبة تفتقد للحد الأدنى من المهنية واحترام حق القارئ في معرفة الحقيقة في بعض الصحف خاصة الحزبية المعارضة والمستقلة التي بعضها يملكها تجار وسماسرة لا صلة لهم بالعمل الصحفي ومؤسساته وأنا لا أتجني على أحد ولا على حرية الصحافة والتعبير التي فاقت في بلادنا كل تصور، حيث اتسعت مساحة الحرية التي اشترطتها الديمقراطية والتعددية التي جاءت ثمرة من ثمار الوحدة المباركة،لكنها اتسعت إلى حد خلقت حالة من الفوضى تهدد بخطورة رسالة الصحافة اليمنية وتاريخها العريق. فمثلاً نجد في صحف المعارضة وتحديداً أحزاب اللقاء المشترك مانشيتات تصور للقارئ الباحث عن الحقيقة بأن المشهد السياسي والاقتصادي في اليمن في «خطر وهاوية» وأن «اليمن بلد إرهاب والعالم يوقف التعامل معه» و«الأزمة السياسية بين السلطة والمعارضة تهدد بسقوط النظام». والأبشع من ذلك أن بعض الصحف المستقلة وتحت ذريعة الإثارة تشير في مانشيتاتها وأخبارها إلى أن الانفصال عائد وهناك ثورة في المحافظات الجنوبية تطالب بعودة الانفصال؟! تصوروا بعد قرابة العقدين من الوحدة المباركة وماحققته من إنجازات غير مسبوقة وأعادت اليمن إلى صدارة التاريخ، هناك من يفكر بالعودة إلى الانفصال!! . ليس حباً في التشطير بل خدمة لمخططات استخباراتية خارجية انكشفت أمام شعبنا في أعمال الفوضى والتخريب. إن ما نقرأه اليوم من تزييف للحقائق ومحاولة تخريب وعي المواطنين في هذه الصحف وفي ظل صمت الموت في مجلس نقابة الصحفيين والسكوت من قبل الجهات الحكومية المعنية بمراقبة الالتزام بقانون الصحافة والمطبوعات،يدعونا إلى دق جرس الإنذار وبقوة بأن الوطن يعاني من جريمة الصحافة التي أساءت إلى الوطن والوحدة والديمقراطية ومحاولة الإضرار بالوحدة الوطنية للشعب وعلاقة اليمن باشقائه وأصدقائه.. انتبهوا من هذا الخطر الذي ينتشر بين صفوف المجتمع تحت مسمى «الديمقراطية وحرية التعبير واحترام حقوق الإنسان». والله من وراء القصد.