ما يعيبنا نحن العرب هو أننا نفرط بالتفاؤل ونغلب عواطفنا على عقولنا فمنذ أن ارتبط حل القضية العربية المركزية بأمريكا إلا ونحن نراهن على هذه الإدارة أو تلك أو هذا الرئيس وذاك وتعاقب عشرات الرؤساء وعشرات الإدارات وعلى امتداد ستة عقود من الزمن ومن الحزبين الرئيسيين في الولاياتالمتحدة الديمقراطي والجمهوري، ومع كل تفاؤلنا بهذا الرئيس أو ذاك تظل قضيتنا العربية في حراك إلى الأسوأ تمثل في ضياع المزيد من الأرض والمزيد من التشريد والقتل والمزيد من الاتفاقيات المجحفة على العرب من خلال المؤتمرات واللقاءات على المستويات الدولية والإقليمية والمحلية كما يقول المثل «نسمع جعجعة ولانرى طحيناً» هذا هو حالنا نحن العرب مع أمريكا التي نعول عليها ونطلب منها الفرج.. العيب هو أننا لم نستفد من تجارب كل هذه السنوات التي مرت بنا فنظل نركض كل أربع سنوات وراء الأحلام والسراب فكل أربع سنوات ينشغل العالم وفي مقدمتهم العالم العربي بالانتخابات الأمريكية ويراهن الكثير منا وخصوصاً القيادات العربية على أن الفرج قادم مع هذا الرئيس ومع هذه الإدارة، لكن تمضي أربع سنوات تليها أربع سنوات وتتوالى الانتخابات ولا من جديد فيظل العرب يركضون وراء السراب الأمريكي مع علم وإدراك قياداتنا العربية بأن أمريكا لديها سياسة ثابتة في المنطقة تتمثل في حماية اسرائيل واعتبرت أي تهديد لأمن اسرائيل هو تهديد لأمنها القومي وهذا موقف واضح ومعلن وموقف كل الإدارات والرؤساء المتعاقبين واليوم يتفاءل العرب كثيراً بالرئيس الديمقراطي الجديد« أوباما» وأنه يختلف عن الرؤساء السابقين كونه من أصول أفريقية وإسلامية، لكن لو تتبع العرب تصريحات أوباما والمنحازة بالمطلق لإسرائيل لأدركوا جيداً أن السياسة الأمريكية خصوصاً الخارجية منها لا يحكمها ولا يقرها شخص الرئيس لوحده بل هناك أجندات كثيرة وفي المقدمة اللوبي الصهيوني الذي أصبح يهيمن على السياسة الأمريكية ويوجهها كالريموت ولا حياد عن ذلك، والنتيجة هي هي الإنحياز لاسرائيل وهذه سياسة أمريكية ثابتة لاتتغير ولا يمكن أن تتغير إلا بتغيير الموقف العربي بالتصدي لمثل هذه السياسة. فالموقف العربي الحازم والصادق والموحد هو الوحيد من سيجعل السياسة الأمريكية تتحول 063درجة لصالحهم لأن أمريكا تبحث عن مصالحها وطالما هذه المصالح مع العرب لم تكن مهددة ستكون مع اسرائيل وإذا شعرت أن مصالحها مهددة مع العرب فلابد أن الموقف سيتغير لصالحهم، فالمسألة مسألة مصالح ولابد أن يستغل العرب المصالح الأمريكية لخدمة قضاياهم بدلاً عن الركض وراء سراب الأمل والتفاؤل الذي أوصلنا إلى مانحن فيه من خسران، ومفتاح الحل لقضيتنا هو بيدنا وباستطاعتنا أن نجبر الآخرين الاعتراف بحقوقنا ،حتى لانظل عشرات السنين مرة أخرى ننتظر ونستجدي ما سلب منا من حقوق، فعالم اليوم لا يعترف إلا بالأقوياء وقوة العرب في وحدة موقفهم والتاريخ قد علمنا الكثير وعلينا أن نستفيد منه ونتعظ.