الحقيقة أنني أشفق على أولئك النفر من الناس في العالم العربي وخصوصاً الذين يراهنون على السياسة الأمريكية أثناء كل انتخاب رئاسي فعندما تشتد حمى التنافس بين مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري فإن بعض الساسة العرب يعتقدون بأن نجاح هذا المرشح أو ذاك سوف يقلب المعادلة في السياسة الامريكية الخارجية. وخصوصاً إزاء منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية تحديداً ولم يتعظ ولم يفهم الدرس مثل هؤلاء لمرات عديدة هذه الانتخابات فكل مرة يتفاءل مثل هؤلاء إلا أن رياح السياسة تمشي بما لايشتهون لأن السياسة الامريكية تحكمها مصالحها فقط وليس لها عيون ترى غير ذلك واسرائيل هي ضمن استراتيجية مصالحها في المنطقة مهما هرول العرب ومهما قدموا التنازلات ومهما خدموا مصالحها فهي ترى فيهم التهديد لاسرائيل وما التصريحات المعسولة التي تدس فيها السم والتي يطلقها الساسة الامريكيون بمختلف مستوياتهم لمغازلة السذج من العرب ببعض العبارات والتي تتكرر كلما أرادت أن تحقق أو تحرر بعض أهدافها وأغراضها إلا أن واقع مثل تلك التصريحات ليست إلا ضحكاً على الذقون أو بعبارة أخرى استخفافاً بتلك العقول التي تفرط في تفاؤلها بتحول السياسة الامريكية من الانحياز لاسرائيل إلى الحياد الايجابي في قضايا المنطقة، وعلى مثل هؤلاء أن يعلموا علم اليقين أن أمريكا لايمكن أن تتحول إلا باتخاذ مواقف عربية جادة وقوية تبتعد كثيراً عن الخوف والتهويل لما قد يكون فمصالح أمريكا بالمنطقة كبيرة واستراتيجية مما يؤهلنا ذلك للضغط والتأثير لصالح قضايانا المختلفة لأنها في الأخير سوف تعمل على حماية مصالحها من خلال اتخاذ مواقف إيجابية وعادلة والموقف العربي القوي هو الذي سيفرض الحق على الأرض،أما أن يظل العرب يراهنون على السراب وقد طال مثل هذا الرهان لستين عاماً منذ النكبة ولم يجنوا شيئاً ولابد من وقفة ومراجعة مسئولة للماضي حتى لاتضيع ستون سنة أخرى، ومايؤكد ماذهبت إليه في هذه السطور هو ماصرح به مؤخراً مرشح الحزب الجمهوري بالقول في حال فاز في الانتخابات الرئاسية فإنه سوف يعترف بالقدس عاصمة أبدية لاسرائيل ومثل هذه التصريحات هي رسالة تحدٍ لكل العالم العربي واستفزاز لمشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم، أما إذا فاز أحد مرشحي الحزب الديمقراطي فالسياسة لن تتغير وإذا تغيرت فلن يكون ذلك إلا بإطلاق التصريحات المعسولة وتضييعاً للوقت أما الإدارة الحالية فهي تلعب بالوقت الضائع ولايمكن أن تقدم شيئاً سوى تحريض العرب ضد بعضهم وضد جيرانهم ولابد من إدراك المخاطر لمثل هذه التحركات الأخيرة وهي ليست حباً للعرب وإنما تدمير للعرب وإلا ماذا تفسر التحريض ضد القمة العربية والسبب أنها ستنعقد في سوريا،. على العرب ألايصدقوا ماتعدهم به الإدارة الأمريكية الحالية لأنها لاتستطيع فعل شيء فقد أصبحت على الأبواب الخارجية للبيت الأبيض وفاقد الشيء لايعطيه. ورهان العرب يجب أن يتركز على وحدة موقفهم واستخدام أوراق الضغط التي يمتلكونها.