في 30نوفمبر 1967م شهد اليمن حدثاً تاريخياً تمثل بالحصول على الحرية بعد سنوات من الانغلاق والسجن تحت وصاية المحتل الغاصب الذي جثم على البلاد سنوات عديدة ومارس في حق العباد أبشع أنواع البطش والتنكيل.. إنه يوم الخلاص من أدران الاحتلال البريطاني الذي دام لأكثر من 021 عاماً،يوم شهد فيه الوطن رحيل آخر جندي بريطاني حاملاً وراءه ذيول الهزيمة كمحصلة لتضحيات وبطولات سطرها في سفر التاريخ الحافل حملة لواء البطولة والحرية من رجال المقاومة الوطنية الباسلة من على جبال ردفان وفي بطون الأودية والهضاب وفي الشوارع والاحياء والأزقة ثورة شعبية عارمة زلزلت أركان المحتل وأحالت كيانه الامبراطوري الشامخ كياناً هشاً، اعتراه الضعف والوهن على إثر وقع ضربات الأبطال الذين حملوا على عاتقهم إزالة هذا الظلم والجبروت الاستعماري الذي ران على الوطن لسنوات عديدة سطر فيها الأحرار في جنوب الوطن الصامد أروع معاني البطولة وأسمى صور التضحية والفداء، غير آبهين بقوة المحتل وعتاده الحربي اللامحدود إلى أن تحقق لهم النصر المؤزر في 03 نوفمبر وهو التاريخ الذي طوى فيه أبناء اليمن صفحات الوصاية والاستعباد والاستغلال التي رافقت حقبة الاحتلال البريطاني ليبدأ اليمنيون مرحلة جديدة عنوانها الأبرز الحرية والتطلع نحو آفاق رحبة من التطور والنماء والازدهار،مرحلة رسم ملامحها أبناء الشعب خطوة بخطوة إلى أن أفضت إلى هذه الصورة الزاهية التي تشرئب لها الأعناق وترفع الرؤوس تقديراً وإجلالاً بعد أن قطع أحفاد سبأ وحمير أشواطاً متقدمة من التطور والنماء في مختلف المجالات بإرادة يمنية خالصة،وبسواعد يمنية سمراء جعلت من الحلم حقيقة، ومن الواقع ألقاً متوهجاً منيراً تسرُّ برؤيته الأعين وترتاح القلوب وتطمئن النفوس. وإننا اليوم إذ نحتفي بذكرى هذه المناسبة الوطنية الغالية على قلب كل يمني شريف غيور على وطنه أدرك معنى الاستعمار وعايش مراراته وشاهد مآسيه واكتوى بنيران بطشه وجبروته فإننا نحتفي بالكرامة والعزة اليمنية،ونحتفي بالعزيمة الصلبة القوية الراسخة والإرادة اليمنية التي لاتلين أو تستكين.. نحتفل تخليداً لتضحيات الأبطال الذين لقنوا المحتل أقسى، وأنكى دروس المقاومة والاستبسال حتى أضاءت شمس الحرية باذلين في سبيل ذلك أجود وأغلى مايملكون وهي أنفسهم الطاهرة التي قدموها قرابين ثمناً لخلاصنا وحريتنا وانتصاراً لسيادتنا وعزتنا وكرامتنا، وكيف لا نحتفي ونبتهج بمناسبة مثل هذه بدلالاتها وإفرازاتها الوطنية الشامخة شموخ جبال عيبان وردفان وشمسان الشاهدة على انتصارات عُمدت بالدماء الزكية التي نفاخر بها ونستقي منها دروساً في التضحية والنضال؟. ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن هذا التاريخ 03 نوفمبر كان فأل خير على أبناء اليمن، إذ كان الخطوة الأبرز في عملية إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، حيث وضع اليمنيون فيه أساسات ومداميك دولة الوحدة في 9891م عندما تم التوقيع في مدينة عدن على اتفاقية الوحدة ودستور الجمهورية اليمنية وهو ما عُرف حينها باتفاق عدن التاريخي والذي مهَّد الطريق وأزال بقية العراقيل والعقبات التي كانت تقف في طريق الوحدة المباركة ليأتي اليوم المنتظر والحدث الأبرز في تاريخ اليمن والمناسبة الأغلى والعيد الأكبر لكل أبناء اليمن قاطبة، اليوم الذي استعاد فيه الجسد اليمني عافيته،وبدى من خلاله جسداً فتياً متماسكاً متوحد الأركان والزوايا يُجسد عنفوان الشباب وحلم الطفولة وإشراقة المستقبل.. إنه عيد الأعياد اليمانية 22 مايو 0991م الذي قضى على ماضي التشطير البغيض وأزال حواجزه اللعينة إلى غير رجعة معلناً قيام الجمهورية اليمنية ليرتفع علم الوحدة خفاقاً في سماء حاضرة اليمن وعنوان نهضته الاقتصادية مدينة عدن بيد قائد ملهم جسَّدأحلام وتطلعات أبناء شعبه وتوج سفر نضالهم وعطاءاتهم الوطنية بوحدة وقف لها العالم إجلالاً وتقديراً،كيف لا ؟.. وهي جاءت في وقت كان فيه العالم يشهد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الكثير من الكيانات والتحالفات. قائد سيظل التاريخ يشهد له بأنه من شاء المولى عز وجل أن يلهمه البصيرة والحكمة التي قادته إلى تحقيق الوحدة، الحلم الذي كان الكثيرون يراهنون على استحالة تحقيقه، وستتذكره الأجيال المتعاقبة بأنه صانع هذا المنجز الوحدوي العظيم الذي لم شمل الأسرة اليمنية بعد الشتات، ومدّ جسور التواصل والألفة والتوحد بعد القطيعة، والذي سيظل مقترناً باسمه وهو شرف حازه عن جدارة واستحقاق فخامة الرئيس القائد المشير علي عبدالله صالح، وهو ما لايمكن الجدال فيه مهما بلغت حمى الاحتقانات السياسية والصراعات والمناكفات الحزبية.. ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن علي عبدالله صالح سيُذكر في أبهى صفحات التاريخ اليمني بأنه صانع الوحدة وباني النهضة ورائد الديمقراطية اليمنية وسيظل مصدر أمان واستقرار لهذا الوطن الغالي بعد المولى عز وجل،وعليه يعوِّل الجميع المضي بالوطن نحو آفاق رحبة وواسعة من التطور والنماء في مختلف مناحي الحياة وصولاً إلى تحقيق مستويات معيشية هانئة وأوضاع اقتصادية أكثر نماءً واستقراراً في ظل غياب تام لأوجه الفساد وبؤره المتعفنة والولوج في رحاب يمن جديد تسوده العدالة وروح المسؤولية ويطغى على ملامحه البناء المؤسسي القائم على الدراسات والخطط والبرامج العلمية الدقيقة الكفيلة بالمضي بالسفينة اليمانية إلى بر الأمان. دامت أفراح الوطن، ودامت كل الأيادي البيضاء المخلصة التي تبني وتُعمِّر وتُشيد في ميادين البناء والتطوير في رحابه الواسعة،ودامت الوحدة وصانعها والنهضة وبانيها والديمقراطية ورائدها، ودام الوطن حراً موحداً آمناً مستقراً،والرحمة والخلود لشهداء الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والوطن.. وكل عام والوطن والقائد والشعب بألف ألف خير.