من المعروف محلياً وعربياً ودولياً وفي كل العصور التاريخية وحتى العصور الوسطى عندما قام في عهد بني العباس شكل من أشكال العمل النقابي، كان معروفاً أن من أولى المهام النقابية، أن ترعى النقابة بدرجة أساسية الوضع المعيشي للعضو التابع لهذه النقابة أو تلك. ثم يأتي بعد ذلك الدفاع عن هذا العضو من كافة المخاطر التي تهدد كيانه النقابي ومستقبل المهنة التي ينتمي إليها.. إلا أن المهمة الرئيسية تبقى العمل على تحسين وضعه المعيشي على اعتبار أن الاستقرار المعيشي يكفل عملاً أوفر انتاجاً وابداعاً لأي عضو كان ينتمي لأي كيان نقابي في أية نقابة من النقابات ناهيك عن العضو الذي ينتمي إلى أية نقابة من النقابات أوالجمعيات الابداعية، فالعضو في مثل هذه النقابات يجد نفسه قد غرق في لجة بحر متلاطم الأمواج، من المشكلات والأحداث اليومية تأسره وتأسر كل وجدانه، وتستحوذ على كل أوقاته، الأمر الذي ينسى نفسه وأوضاعه المعيشية وحتى وضعه الوظيفي وترقياته ودرجاته، وترتيب تلك الدرجات وقد تتعرض الكثير من وثائق توظيفه للضياع، والنصب؟! وهو في خضم صراعه المرير لصور التخلف الاجتماعي والثقافي والحضاري والسبب أن هؤلاء النفر من المبدعين كانت لهم في مراحل شبابهم براءة وصدق أطفال أبرياء وكانوا أكثر انشداداً وتحمساً لقضايا الوطن ومشكلات المقهورين من الناس، إنهم كُتاب ومحررو الصحف الرسمية وغيرهم من محرري وكالات الأنباء والاذاعات والمراكز الثقافية والمسرح .. واجمالاً فإن كل من وجد نفسه في حقل من حقول الصحافة أوالثقافة والأدب فإنه بدون شك قد بات ملقحاً بقدر من لقاح الاحساس بهموم المجتمع و«الفضول» الذي يأبى غض الطرف عن أي أخطاء أو اعوجاج يراه هنا وهناك الأمر الذي يسبب لهم العديد من المشكلات، وقد يتعرضون للامراض والعاهات والمعوقات المزمنة في حياتهم المعيشية، نتيجة غياب الانصاف أولاً وغياب رؤسائهم الاكفاء أو لربما كان نتيجة نظرة ضيقة وعلى كل حال ومادمنا بصدد أوضاع الصحفيين ومادام الأخ رئيس الجمهورية كان قبل عدة أشهر قد وجه في خطابه الشهير بتاريخ 91أغسطس المنصرم أثناء لقائه بحوالي 005صحفي واعلامي بذلك اللقاء وجه الحكومة وكافة الجهات المسئولة بضرورة تنفيذ الكادر الاعلامي وتحسين ظروفهم المعيشية. فلست أدري ماهي أسباب هذه العثرات والمعوقات التي تقف دائماً ازاء أية خطوة أو توجه لرفع مستوى أوضاع هذه الشريحة التي ليس لها أية موارد أو مصادر للدخل سوى اعتمادها على المرتب ولذلك فإنه يهمني ان ألفت نظر الإخوة في الحكومة ونقابة الصحفيين ووزارة الإعلام والمؤسسات الاعلامية المختلفة الأخذ بالاعتبار لماينبغي ان يناله زملاؤهم المحالون إلى التقاعد ولاسيما أولئك الذين احيلوا إلى التقاعد قبل صدور استراتيجية الأجور ولاننسى في هذه المناسبة الاشارة إلى دور الزملاء في النقابة وجهودهم المتواصلة بشأن أوضاع الصحفيين وعلى رأسهم النقيب والزميل نصر طه مصطفى وإذا كان لي من كلمة صادقة وأخيرة للاخوة أعضاء الهيئة الادارية لنقابة الصحفيين فهي ان يضعوا في مقدمة أهدافهم رفع مستوى أعضاء النقابة معيشياً وثقافياً ومهنياً، وان تترك جانباً كافة المسائل الأخرى التي لاتمت إلى الكيان النقابي بصلة وبقدر مايتطور هذا الكيان من خلال أعضائه ومستوياتهم المهنية بقدر مايمكنهم من الإسهام بشكل ايجابي وعطاء بلا حدود لوطنهم وامتهم والانسانية جمعاء، فالعضو المؤهل تأهيلاً راسخاً صحياً وثقافياً ووطنياً يكون أكثر عطاءً واقداماً لقول الحقيقة وفضح مواطن الفساد والاهمال وياحبذا لو أن النقابة تفرغ عضوين بموافقة جهة العمل التي يعملان فيها لمتابعة شئون الأعضاء الذين لديهم مشكلات خاصة قد تكون مرضية، صحية أو مشكلة عالقة بين العضو وجهة العمل التي يعمل فيها أو قد تكون له قضية لدى الدوائر الحكومية فمثل هذه المهام تعتبر من صلب المهام النقابية والعمل النقابي ففي كثير من الأحيان يتقدم أي عضو للنقابة بطرح قضيته أو مشكلته تجاه أمر ما وكل ماتفعله النقابة إزاء ذلك هي أن تسارع بكتابة مذكرة خاصة للجهة ذات العلاقة بمشكلة أو قضية العضو. وهذا في نظري وتقديري عمل لايفي بالغرض المطلوب فقد يكون العضو المتقدم بالحالة معاقاً بسبب مرض معين يعيقه عن الحركة والجري من جهة إلى أخرى أو انه قادم من مدينة من خارج العاصمة وليس هذا وحسب بل ان العضو عندما يقوم بمثل هذه المراجعات لشخصه يكون أكثر خجلاً واستحياء في حين عندما يكون المراجع من جانب وطرف النقابة فإن فحوى الطلب والمراجعة تكون أكثر قبولاً وموافقة مما لو كانت من الشخص نفسه. وثمة أمر آخر بقي لزمن طويل يساء فهمه ومعناه من العديد من العاملين في الحقل النقابي، ولدى الجهات المسئولة إن النقابة هي همزة وصل بين العضو وجهة العمل فلا تنحاز كلياً لشطط أي عضو أو تقصيره بعمله، ولاتنحاز أو تجامل جهة العمل على حساب حقوق ومستحقات العضو خاصة عندما تكون هناك لوائح تحكم الجميع. ولكننا عندما نأتي لفهم الدور الملقى على الصحفي تجاه قضايا حرية النشر ومايلي ذلك من مهام جسام تتصل بالأوضاع السياسية بالبلاد فذك أمر آخر تحكمه وتحكم علاقات كافة الأطراف المواد القانونية بقانون الصحافة وهذا ماينبغي أن تجمع عليه كافة الأطراف ذات العلاقة.. فإلى فرصة أخرى.