تزداد مشكلة شحة المياه تفاقماً يوماً بعد يوم وتأخذ هذه المشكلة بعداً مخيفاً في حالة مياه الشرب التي تفاقمت مشكلتها كثيراً في مناطق عديدة من الجمهورية بعد موسم يوصف بأنه من أسوأ المواسم التي شهدتها البلاد خلال عقود مضت. حيث انخفض معدل سقوط الأمطار إلى مستويات متدنية للغاية وانعدم سقطوها في مناطق كثيرة لدرجة ظهرت معها مشكلة مياه الشرب في القرى الجبلية في عدد من المحافظات ووصلت إلى القرى الواقعة في الوديان أيضاً والتي يعتمد أهلها على المياه السطحية فيها من خلال الآبار التي يتم حفرها يدوياً. الصورة التي بين يديّ الآن تعكس وضعاً مقلقاً ومخيفاً حيث تظهر في الصورة طوابير من النساء، في إحدى قرى الأعبوس «السبد» ومعظم هؤلاء النسوة قدمن إلى هذه القرية الواقعة في بطن الوادي والتي فيها عدد من الآبار السطحية وقد قطعن مسافات طويلة للوصول إلى هذه القرية من قرى بعيدة بشكل غير متوقع لكن المشكلة لم تنته ولم تقف عند هذا الوضع الصعب بل ظهرت مشاكل أكثر تعقيداً عندما تراجع منسوب المياه إلى أدنى مستوى له في هذه الآبار ولم يعد الماء فيها يكفي لكل سكان تلك القرية والقادمين من القرى المجاورة القريبة والبعيدة، الأمر الذي ينذر بحدوث مشكلة أكبر مع مرور الأيام.. هذه الصورة التي أتحدث عنها الآن صورة حديثة جرى التقاطها خلال الأيام القليلة الماضية وفيها يبدو الزحام على أشده على الآبار التي يوجد فيها القليل من الماء والوضع هناك يقف على عتبات مشكلة أكبر من كل التوقعات فكمية الماء في الحالة الراهنة لا تكفي لعدد السكان ولاحتياجاتهم اليومية ولما تبقى من الثروة الحيوانية هناك وما هو حاصل الآن أن هذه الكميات القليلة من الماء في الآبار يزداد الإقبال عليها كل يوم نظراً لاضطرار سكان قرى أخرى للقدوم إلى نفس المنطقة للحصول على الماء وقد أصبحت مسألة الحصول عليه ليست هينة والمشقة التي يواجهها الناس أضعاف ما يحصلون عليه من الماء وأؤكد أن الأيام القادمة تنذر بالمزيد من المتاعب لسكان تلك القرى في الأعبوس والقبيطة وفي قرى أخرى تعلمها جهات الاختصاص.. المشكلة في وضعها الراهن تعد خطيرة وهي بحاجة لمعالجات عاجلة ولا يكفي الجهد الشعبي لحلها،إذأن العملية تحتاج لتعميق الآبار الحالية لحل مشكلة سكان القرى القريبة من هذه الآبار وقد تحتاج الأمر لحفر آبار إرتوازية إذا استمرت المشكلة حسب مؤشراتها الحالية كما أن عدم وجود المضخات لرفع المياه من هذه الآبار في وضعها الراهن زاد. المشكلة تزداد تعقيداً وازدحاماً لأن رفع الماء من الآبار يدوياً فيه مشكلة لا تلائم هذا العصر، وتبقى المشكلة في جانبها الأكبر المتمثل في انعدام المياه في القرى الواقعة على رؤوس الجبال والقرى التي لا آبار فيها وهو ما يضطر السكان للنزوح من مناطقهم وقراهم بعد أن يطالهم التعب وتطالهم المشقة في الحصول على شربة ماء هانئة. ومسألة النزوح هذه ليست سياحية لكنها في الحقيقة اضطرارية ولها تبعاتها ولها مشاكلها، وفي كل الأحوال لن تحل المشكلة بالهجرة لأن غير القادرين على الهجرة يفوق عددهم من يستطيعون ذلك وتبقى المشكلة تصرخ بملء الأفواه الظامئة في تلك القرى هل من يسمع وهل من يدرك خطورة المشكلة؟ وهل من يسأل عن الناس وعن النساء تحديداً وهن يحملن على رؤوسهن متاعب الحياة كلها مقابل شربة ماء يجري السفر لساعات طويلة من أجل الحصول عليها؟ أظن أن الأمر هذا لن يمر مرور الكرام ولن يخيب ظني هذا..