في زيارة علمية لجامعة الحديدة الأسبوع الماضي كنت ضمن فريق مرسل من مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء بالتعاون مع المنظمة السويدية في اليمن لتدريب طلبة كلية التربية على كيفية التوعية بحقوق الطفل في المدرسة والمنزل والشارع، وكل الأماكن التي يتواجد فيها أطفال . واستهدف التدريب عينة من الطلاب والطالبات المتوقع تخرجهم والتحاقهم بميدان التدريس بواقع ستين طالباً وطالبة، تم تدريبهم على كيفية التوعية بحقوق الطفل وحثهم على تقديم مقترحات للحد من أشكال العنف الموجّه للأطفال وبخاصة الطفلة. ومع أن العنف يتعرض له الأطفال بصورة عامة (الذكر والأنثى) فقد تم التركيز على العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي الموجّه للطفلة كونها (أنثى). وقد شد اهتمامي نشاط الملتحقين بالدورة أثناء التدريب وصبرهم على التدريب وقوة دافعيتهم للمشاركة وقدرتهم على تقديم المقترحات وتشخيص أسباب العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي واستنباط الآثار المترتبة عليه بالنسبة للفرد والمجتمع. لقد عكس طلبة تربية الحديدة الملتحقون بالدورة التدريبية حبهم للتعلم وحرصهم على الوقت والتزامهم بقيم العمل التعاوني؛ فبالرغم من امتداد جلسات التدريب لساعات طويلة، لم أجد منهم من يبدي مللاً أو يقدم اعتذاراً للخروج؛ مما جعلني أوجّه سؤالاً إليهم عن كيفية ترشيحهم للالتحاق بالدورة، فوجدت أنه تم اختيار أعداد متساوية من كل قسم ومعظمهم من أوائل الكلية في جميع الأقسام، وهنا تأكدت أن الاختيار كان مميزاً، وأن مشاركاتهم ستكون جديرة بالاهتمام، وما لفت انتباهي أيضاً هو نظافة الجدران في الكلية، بعكس ما تعودت عليه في كلية التربية بجامعة صنعاء، فجدران كلية التربية بالحديدة لامعة خالية من تعليقات الطلاب التي تزعجني في كليتي لما تعكسه من ضعف لغوي لدى الطلاب وغياب التذوق الجمالي، وضعف انتماء الطلاب لكليتهم. أما كلية الحديدة فإنها توحي للزائر بأنها بيت لأسرة واحدة، تشعرك بالبهجة وبقوة انتماء الطلبة إلى كليتهم، فلا توجد شعارات مكتوبة بأقلام الطلاب على جدرانها، ولا توجد مشاجرات بين الطلاب وحرس الكلية، والكلية خالية من الحرس الجامعي، وبالرغم من ذلك لم يفاجئني في القاعة لا متطفلون، ولا مجانين ولا متسولون كما يحدث في جامعة صنعاء حينما تترك بواباتها بدون حرس حتى لدقائق معدودة !!. ما لفت نظري هو أن طلبة تربية الحديدة كانوا حريصين بعد انتهاء التدريب على الحصول على نسخة من تقرير التدريب، وعندما سألتهم: لماذا؟!. أجابوا أنهم يريدون معرفة أي أخطاء وقعوا فيها أثناء التدريب حتى يستفيدوا عند نزولهم للميدان، فأكبرت فيهم أخذهم الرسالة بجدية، وحرصهم على توثيق أعمالهم وأنشطتهم والإفادة منها في المستقبل، وعمدوا طلبهم بموافاتي بعنوان موقع طلبة الكلية الإلكتروني للتواصل، وهذه ميزة أخرى عكست عدم تقليدية الطلبة في هذه الكلية ودخولهم عالم النت، وقدرتهم على مواكبة العصر إذا ما تم الاهتمام بتنمية قدراتهم. ووجدت مبنى كلية التربية نسخة ثانية لكلية التربية بجامعة صنعاء، وحينما سألت عن هذا التشابه قيل لي: إن المصمم واحد، لكن الغريب في الأمر أن التصميم لم يكن مراعياً لظروف البيئة، فالمبنى في الحديدة صمم ليناسب طقس صنعاء، ومبنى صنعاء يناسب طقس الحديدة، وأي زائر للمبنيين يمكن أن يرى هذه الحقيقة، حتى إن التعليقات المتداولة تفيد أن المهندس قد أخطأ في تنفيذ التصميمين، واستمر في تنفيذ الخطأ سنوات حتى اكتمل المبنيان!!. كنت أتمنى أن تطول التجربة مع هذا النوع من الطلبة والطالبات، لكن فترة التدريب كانت محدودة، ومع ذلك يمكن للطلاب والطالبات الراغبين في التواصل مراسلة موقع مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء أو التواصل عبر الإيميل المرفق. *كلية التربية - جامعة صنعاء [email protected]