يبدو أن سخرية أبي نواس من كثرة البكاء على الاطلال عند الشعراء العرب الذين سبقوه لم تكن في محلها، فالوقوف على الاطلال لم يكن محصوراً بالشعراء العرب، ولكنه اليوم وفي ظل مايعانيه شعبنا في فلسطين والعراق قد أمتد إلى أبعد من ذلك، إلى حكام وقوى وأحزاب كان يجب أن تكون بمنأى منه..!! نعم ليس بالبكاء على الاطلال، ولا بالانتحار القومي وإنكار الهوية واستخراج شهادات الوهمية لعروبتنا، وسلام الجبناء ننتصر في معركة البقاء والنهوض، وإنما باسترداد الوعي، وتشابك الايدي، وكلمة سواء، واستغلال مواردنا المتاحة، نلتقي على طريق النهضة والتحرر، وتجنيب بلادنا لويلات الحروب. أن مواجهة الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا اليوم يتطلب إعادة النظر، ومراجعة الذات، وأمتلاك ناصية القرار الواحد.. والاقتراب أكثر من الشعوب. البكاء على الاطلال لن يعيد لنا أوطاننا المسلوبة، وكرامتنا المهدورة، وجسدنا المقطع.. إنه مجرد سوط وعصا غليظة نجلد بها ذاتنا.. بل ونسكب ونضع الملح على جرحنا النازف كل يوم.