تقريباً أن الصوماليين قد أجمعوا في الانتخابات الأخيرة في بداية شهر فبراير على الدخول في سلام، وصوَّتوا ل«شيخ شريف شيخ أحمد» كرئيس للدولة الصومالية.. شيخ شريف كان في أطروحاته قبل الانتخابات معتدلاً صومالياً سلامياً، وهو زعيم للمحاكم الإسلامية. الصومال بحاجة اليوم إلى السلام، والأمن، وإعادة بناء الدولة إدارياً وعسكرياً، وإعادة بناء الصومال الإنسان والبلد.. فالصراعات الطويلة قد دمرت كل شيء في الصومال، وأكلت الحرب الصومالية الأخضر واليابس، وأهلكت الضرع أيضاً.. هذه المسائل لإعادة بنائها تحتاج إلى إمكانات كبيرة وهائلة، وهي مسؤولية الدولة الجديدة بقيادة «شيخ شريف» وكل الفصائل والقوى الصومالية، أولاً، وبالدرجة الثانية مسؤولية دول الجوار، ثم مسؤولية عربية وأفريقية، ومسؤولية المجتمع الدولي.. فأمن واستقرار الصومال مهم لهؤلاء جميعاً، كونه مهماً لدول القرن الأفريقي، ومهماً لأمن الملاحة العالمية في المحيط الهندي وشرق أفريقيا، ومهماً إنسانياً لشعب يحتاج إلى مساعدة كل العالم والجيران والأشقاء في الأولوية، وأول دعم إيقاف دعم الفصائل المناوئة. ومع أن الصوماليين قد تعبوا وهدهم التعب جوعاً ومرضاً وقتلاً، وتشريداً، وعراءً، فقد جاء الوقت ليتوحدوا خلف القيادة الجديدة التي وعدت بتشكيل حكومة وحدة وطنية تسهم في تهيئة الظروف والمناخات اللازمة لإعادة بناء الدولة سياسياً وإدارياً وعسكرياً.. بما في ذلك الفصيل المسمى «حركة الشباب الجهادية»، التي لم تعترف بانتخاب الرئيس الجديد، والمفترض أنها تنخرط في إطار الإجماع الصومالي من أجل الصومال، إن كانوا صوماليين ويهمهم الصومال، ومثلهم بقية الفصائل المعارضة. من المهم جداً أن تبدأ الدولة الجديدة بدمج كل الأجنحة المسلحة لتشكل النواة لإنشاء جيش صومالي من قبل الدولة، وبحيث تصبح الأجنحة المسلحة تحت إمرة وزارة الدفاع والأركان في الحكومة، وتحت إمرة وزارة الداخلية، وتنتهي علاقاتها بفصائلها وحركاتها السياسية السابقة، بما في ذلك مسلحو حركة الشباب الجهادية.. ولا مانع إن أرادت أن تبقى في المعارضة كحركة سياسية مع بقية الفصائل المعارضة للرئيس الجديد. التفاؤل موجود، لكن عودة الدولة إلى الصومال بحاجة إلى الدعم الفاعل والكافي من الجوار، ومن الأفارقة والعرب والمسلمين، وعلى مختلف الصعد، ما لم فالحال لن يتغير..!