في أُفق مُتصل بحثت القمة الأفريقية إمكانية إخراج زيمبابوي من عزلتها الإقليمية والدولية، وذلك عطفاً على قبول الرئيس الزيمبابوي «روبرت موجابي» بتقاسم السلطة مع المعارضة تأسياً بالنموذج الكيني ونزولاً عند رغبة جنوب أفريقيا التي قامت بأدوار وساطات مشهودة على خطي كينياوزيمبابوي. أيضاً واستتباعاً الاستجابة القسرية للضغوط الدولية التي وصلت إلى المقاطعة المعلنة ضد نظام موجابي. إذا ما سارت التسوية الأفريقية الداخلية على خط زيمبابوي بصورة موفقة فإن ملفات أخرى مشابهة ستكون قابلة لمزيد من التليين والتحريك وخاصة على خط الكونغو ورواندا، لكن الأهم من هذا وذاك أن أفريقيا بدأت لتوها تستجيب لدواعي الحقيقة، وتسجل خُطى متقدمة على درب الشفافية الوعر بما يذكّرنا بما كان من أمر أندونيسيا عندما تأبّى الرئيس عبدالواحد على تسليم السلطة لخليفته المُنتخبة «ميجاواتي سوكارنو» غير أن ميجاواتي سوكارنو لم تتعد حدود ذرف الدموع عندما تمت إزاحتها عن الرئاسة بانتخابات ديمقراطية، وبهذا تعافت أندونيسيا مرة وإلى الأبد، وأصبح التداول السلمي للسلطة فيها خياراً لا رجعة عنه. إلى ذلك كان من الطبيعي أن تقف القمة الأفريقية أمام الآثار المدمرة للأزمة المالية الدولية وانعكاساتها السلبية على البلدان الأفريقية التي تعاني الأمرّين من الفقر والفساد والشمول السياسي. كما كان من الطبيعي أن تقف أيضاً على أوجه تفعيل التعاون البيني «الأفريقي - الأفريقي» والنظر إلى مشكلة الهجرة المسحوبة على الأوضاع الاقتصادية والحياتية المتردية في أغلب البلدان الأفريقية. القمة الأفريقية الأخيرة فتحت أبواباً لآمال واسعة وذلك عطفاً على تجربتي كينياوزيمبابوي اللتين قبلتا مُرغمتين على الانتقال إلى عالم الشفافية رغماً عن إرادة الأنظمة التوتاليتارية العجفاء. كما أن تباشير الرؤية الأمريكية المتجددة لمشكلات القارة تصب في مجرى تعظيم الفرص، وأبرز مثال على ذلك تأييد إدارة أوباما لانتخاب الرئيس الصومالي الجديد المحسوب أصلاً على الإسلام السياسي الوسطي، وتشجيعها لفكرة تقاسم السلطة في أكثر من بلد باعتبارها عتبة هامة لانتقالات لاحقة.