العمارة اليمنية التقليدية التي تجمع بين مستويات متعددة من تجليات الجمال والآثار المباشرة على من يسكنها أو يرتادها . كَتَب الكثيرون عن العمارة التقليدية في اليمن ولامسوا أبعادها الهندسية والوظيفية واستعادوا قراءة مفردات البناء وقابلياتها للديمومة والتصدي لعوامل التعرية. وفي هذه المقاربة محاولة للوقوف على بُعد آخر في تلك العمارة الموسومة بالقدرة على ممازجة سلسلة من التفاعلات والأبعاد التي تؤدي إلى تقديم وظيفة نمطية، ولكن بصورة تستدعي التوازن سواء مع الوسط المحيط أو بين الإنسان وبيئته، فتتحول هذه العمارة إلى «عمارة للقلوب» بحق.. كما تصبح هذه المنازل «منازل معنوية» كما ذهب المتنبي. البيت التقليدي في اليمن التاريخي ليس في نهاية المطاف سوى محل سكن يحقق الوظائف المتعارف عليها في البيوت .. لكنه يتميز بخواص لا بأس من الإشارة إلى أبرزها : تحقق هذه العمارة علاقة نموذجية مع الوسط المحيط، لأنها تستمد مواد بنائها من الطبيعة دونما تدخلات تحويلية لهذه المواد كما يحدث في العمارة الحديثة . مواد هذه العمارة هي مزيج من الطين والأخشاب وبعض المخلفات العضوية للطيور .. وهي مواد تتميز بخصائص فريدة تساعد على تماسك الدار وصعوبة نخرها عبر عوامل التعرية كالرياح والسيول والزلازل وغيرها .. والشاهد الأكبر على هذه الحقيقة نراه في مدينة شبام بوادي حضرموت التي بنيت منذ عدة قرون ومازالت مسكونة حتى الآن .. كما نراه في صنعاء القديمة وغيرها من المدن التاريخية في اليمن . هذا النوع من التماهي الإبداعي مع الطبيعة جعل تلك المنازل ذات خصائص غير مألوفة في البيوت الجديدة .. فالجدران فيها تتفاعل مع الحرارة والبرودة بطريقة مثالية حتى إنك تستأنس بدفئها في الشتاء وببرودتها في الصيف دونما استخدام لمكيفات الهواء التقليدية.