التعليم الموازي هو نظام تعليمي يشبه التعليم العادي التقليدي في الجامعات، وهو مطبق في أغلب جامعاتنا اليمنية تحت مبرر حل الأزمة المتمثلة في ضيق الجامعات عن استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة كل عام، كما أن هذا النوع من التعليم الجامعي يمنح بعض الطلاب الذين لم تمكنهم معدلاتهم من الالتحاق بالجامعة في التخصصات المطلوبة، نظراً إلى انخفاض معدلاتهم في الثانوية العامة، ولكن بمقابل رسوم دراسية توازي تقريباً ما يدفعه نظراؤهم في الجامعات الأهلية والخاصة. إلا أن هذا النظام التعليمي له سلبيات كثيرة، حيث أصبح بمثابة الكابوس الذي ينغص ويكدر حياة عديد الأسر التي أجبرتها الظروف على إلحاق أبنائها بهذا النوع من التعليم الجامعي مع ما يتطلبه ذلك من مصاريف باهظة ترهق أولياء الأمور، كما أنه يؤثر على نوعية التعليم الذي يتلقاه الطالب سواء في التعليم العادي التقليدي أو التعليم الموازي، كما يؤثر سلباً على مستوى الجامعة.. فمثلاً أعضاء هيئة التدريس الذين يقومون بالتعليم الجامعي التقليدي هم أنفسهم الذين يحاضرون لطلاب التعليم الموازي، هذا يعني أن عضو هيئة التدريس الذي يقدم محاضرات لطلاب التعليم الموازي سيعاني عبئاً تدريسياً مرتفعاً جداً، وبالتالي لن يجد الوقت الكافي والطاقة المطلوبة لإيصال المعلومات بكفاءة للطلاب، ناهيك عن أن الأستاذ لن يجد وقتاً يصرفه على البحث العملي الذي يعد من أساسيات مهام الجامعات.. فهل يتوقع للجامعة في هذه الحالة أن تكون متميزة علمياً وتحتل مركزاً متقدماً بين الجامعات العالمية ؟! أيضاً من السلبيات ما ترسخ لدى العامة بأن التعليم الموازي ليس إلا ملاذ الفاشلين والنافذة التي يدخلون منها إلى التعليم الجامعي، وبالتالي فإن هذه النظرة تؤثر على مستقبل متخرجي هذا النظام؛ فالقطاع العام أو الخاص الذي يعول عليه توظيف متخرجي الجامعات لن يحبذ استقطاب متخرجي جامعات تتبنى نظام التعليم الموازي؛ لخوفهما من انخفاض جودة التعليم، أما الجامعات فلن تتمكن من تحسين مستواها؛ لأن عضو هيئة التدريس المعول عليه تحسين المستوى مرهق بساعات تدريس إضافية تزيد كثيراً عن طاقته. إذا كان نظام التعليم الجامعي حالياً يعاني الكثير من المشاكل والنواقص ومستواه يزداد تدهوراً يوماً بعد يوم، فكيف سيكون الحال في نظام التعليم الموازي الذي يغلب عليه الطابع الاستثماري على حساب الدور المعرفي والتنويري للجامعات، بل إن استثمار الجامعات في هذا النوع من التعليم بلغ حداً أوصل بعض الأسر إلى الاقتراض وتوفير الرسوم على حساب احتياجاتها الأساسية وتنزل المصائب على الطلاب حيث تجد العديد منهم يستمر في السنة الدراسية الواحدة لأكثر من عام لضمان الاستمرار في ضخ الرسوم الدراسية، أليس الأجدى أن تركز الجامعات جهودها نحو تخريج كوادر كفؤة قادرة على الاندماج في المجتمع والتعامل مع الواقع بدلاً من اللهث وراء الربح التجاري والمال وزيادة الإيرادات والجباية من الطلبة باسم الرسوم الدراسية ؟! وأخيراً يبدو أن أضرار التعليم الموازي أكثر من منافعه، وينعكس سلباً على مستوى الطالب بعد التخرج وعلى مستوى الجامعة الذي سيتدنى، وبالتالي فإن تركه خير من إبقائه. [email protected]