من وجهة نظري فإن الخطاب الذي وجّهه رئيس أمريكا «باراك أوباما» إلى العالم الإسلامي يكاد أن يكون «خطاباً فيدرالياً»، بمعنى أن أمريكا هي العاصمة المركزية للعالم الإسلامي، هذه الملاحظة الأولى. أما الملاحظة الثانية فهي أن رئيس أمريكا تحدث لأول مرة حديثاً دافئاً راعى فيه شعور المسلمين إلى حد كبير، وهو خطاب يختلف عن خطاب أي رئيس سابق، فهذا الخطاب: يعترف بحق الشعب الفلسطيني في أن يعيش حراً كريماً ويعترف بمعاناته، وضرورة إنهاء هذه المعاناة. من حيث المبدأ يعترف بحق المقاومة مقابل بناء المستوطنات. لم يذهب إلى أن «حماس» حركة إرهابية. يصرّح بأن الإسلام دين السماحة والرحمة والحضارة والحرية. يعترف بحق الأنظمة السياسية مادامت تقوم على ديمقراطية حقيقية. إن العلاقة بين أمريكا والعالم الاسلامي ينبغي أن تكون علاقة وئام وسلام، أساسها الشراكة والاحترام المتبادل. وليس من شك أن هذا الخطاب الذي أطلقت عليه الجامعة العربية صفة «المتوازن» واعتبرته «حماس» بأنه بداية عهد جديد، لم يكن ساذجاً، فالرئيس الأمريكي لا يشبه الرؤساء الآخرين، فهو لا يصدر خطاباً إلا بعد استشارة الخبراء، وراسمي السياسة الأمريكية في البنتاجون والكونجرس ووكالة الاستخبارات الأمريكية والفيدرالية. إن هذا الخطاب الإيجابي جداً، مقابل المواقف الأمريكية السابقة لم تلتقطه الدوائر العربية، بشكل حسن، ولو كان هذا الخطاب في فلسطينالمحتلة لاستطاعت دوائر الكيان الاسرائيلي أن تجعل منه وثيقة ايجابية لصالحه. ولكن يبدو أن العرب كانوا سيستقبلون هذا الخطاب بشكل أفضل ومقبول لو كان قد توجّه إلى الكيان الاسرائيلي بضرورة الانسحاب من كل فلسطين وردد مقولة: «إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة». في هذا الخطاب إشارة تحول كان للارهاب دور ايجابي من وجهة نظري في صياغته، فتحقيقات حادثة سبتمبر وقراءة المخابرات كشفت عن الظلم الذي لحق بالمسلمين وفلسطين نتيجة ظلم أمريكا.