أعتقد أن الحوار المسؤول والصادق والفهم الواعي والعميق للمشكلات والمعضلات هو الوسيلة الناجعة لمعالجة أية قضايا أو مطالب حقوقية كانت أم عامة تهم المجتمع بأسره أو تسوية أية خلافات , وهو أيضاً أسلوب حضاري وحسنة جيدة وايجابية ينبغي تشجيعها وديموميتها .. وفي الواقع إن القيادة السياسية في بلادنا حثت - أكثر من مرة - ولا تزال كافة القوى السياسية والوطنية في الساحة اليمنية على اتباع ومواصلة نهج الحوار وتعزيز أواصر الثقة بين أطراف العمل السياسي وتقريب وجهات النظر حول كافة المسائل الخلافية وتباينات الآراء وذلك في مسار واضح من الالتزام بالثوابت الوطنية, والتوجه نحو ملامسة آمال وتطلعات الناس وطموحاتهم بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة للوصول إلى توافق وطني جامع حولها يكون السياج المنيع للوطن من أية انزلاقات ومخاطر مدمرة . هذا على مستوى القضايا الوطنية الكبرى في جوانبها المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية , والتي تجعل كافة القوى الحية من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ومستقلين ومثقفين في محك حقيقي من المسئولية العالية , بيد أن هناك قضايا ومسائل ذات شأن محلي لا تتطلب مصفوفات أو استراتيجيات طويلة الأمد، فالدخول في معالجتها وتسويتها مفاتيح بأيدي السلطات المحلية الذي تكرر الحديث عن إعطائها المزيد من الصلاحيات وتخفيف المركزية الشديدة عنها مما يحفزها على الارتقاء بأدائها الإداري والوظيفي وتحسين خدماتها المقدمة للمواطنين والتسريع في إنجاز معاملاتهم ومعالجة قضاياهم .. على هذا المنوال حرصت القيادة التنفيذية في محافظة حضرموت خلال الأيام القليلة الماضية على عقد سلسلة من اللقاءات الموسعة والمفتوحة مع نخب من المواطنين والأعيان والشخصيات الاجتماعية في أحياء مدينة المكلا ومدن المحافظة الأخرى للتعرف على واقع ما يعتمل في الحياة العامة والمناشط الحياتية اليومية وتلمس أحوال المواطنين والاستماع لقضاياهم وهمومهم ومطالبهم .. حيث شهدت تلك اللقاءات والاجتماعات الحبية المباشرة مع المواطنين نقاشات جادة وصريحة أثيرت خلالها جملة من الأطروحات والتناولات في جوانب الحياة المختلفة اتسمت بالوضوح والصراحة المطلقة النابعة من الحرص على إصلاح الاختلالات ومعالجة المشكلات وتجاوز القصور اينما وجد . وهذه الأطروحات والآراء التي تم تناولها في لقاءات القيادة التنفيذية لحضرموت مع ممثلي شرائح المجتمع في المواقع السكنية في الأحياء والمناطق جاءت من وجهة نظري في أجواء مناسبة وملائمة بعد انعقاد المؤتمر الفرعي للسلطة المحلية في حضرموت وما شهده من نقاشات وحوارات جريئة ومؤثرة شخصت حقائق الواقع وعرضت المشكلات والمصاعب واقترحت المعالجات والحلول . والمسألة في مجملها تكاملية ومتى ما وجدت الارادة والتوجه الصادق سوف تصلح الكثير من الأمور وخاصة فيما يتعلق بمصالح الناس المباشرة وسوف يكون المواطنون أكثر حرصاً وانضباطاً في التعامل والتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة لإنجاز متطلباتهم وكل ما يتعلق باستحقاقات التنمية وتحقيق السكينة العامة لمجتمعاتهم. ومن المهم والمفيد أن توطد الأجهزة والمرافق والمصالح الحكومية المتعددة علاقتها بالمواطنين وأن تحقق آليات تواصل منتظمة بما يضمن تحسين أدائها ومساعدتها على القيام بأنشطتها ومهامها على الوجه المطلوب.. فلا ضير للاستماع للرأي المخالف أو الشكوى من الأخطاء أو الاختلالات والممارسات الخاطئة في الكثير من المرافق الخدمية والقطاعات المختلفة ولكن باشتراطات موضوعية ومسؤولية انضباطية عالية بعيداً عن الكيد والاستهداف الشخصي أو التوظيف السياسي الذي يعقد المشكلات ويخلق العقبات أكثر من أن يعالج أمراً أو يسهم في تحقيق انجاز أو مكاسب . ثمة ملاحظات عامة وقضايا عاجلة طرحها المواطنون في هذه اللقاءات تتطلب تدخل سريعاً في تسويتها من قبل الأجهزة التنفيذية المحلية دون حاجة للتطويل أو إخضاعها للروتين والبيروقراطية , فيتوجب أن تضع لها السلطات المختصة جدولة زمنية لمعالجتها وأن تأخذها بعين الاعتبار حتى يكون لمثل هذه اللقاءات التي تعزز من تواصل الأجهزة المحلية مع المواطنين جدوى ومنفعة على اعتبار أن حسن الاستماع من أهم شروط التواصل الناجح مع الآخرين ويسهم في استمرار الحوار والتواصل والشعور بالثقة والاطمئنان و الفهم الجيد والإلمام بالمشكلات والمنغصات في أوجه الجوانب. إننا نعرف وعلى يقين أن القيادات التنفيذية في محافظة حضرموت لديها النية الخالصة للعمل الجاد من أجل خدمة هذه المحافظة والارتقاء بأوضاع الخدمات فيها ومواصلة جهود التطوير وأعمال التنمية والبناء فيها بالرغم من أن هناك عقبات أو محبطات - بالجملة - تعترض طريقها وأولها عدم وجود بوصلة للتحرك الايجابي في اتجاه العمل مع المواطنين وخلق تواصل دائم معهم يكسر تلك الهوة التي بدأت للأسف في اتساع مستمر. مع تأكيدنا أن العمل والنوايا الصادقة والحسنة مقياس نجاح وتوفيق .. ولهذا فإننا نجد الكثير من المواطنين خلال هذه اللقاءات الموسعة والمفتوحة يطالبون الأخ المحافظ وقيادة السلطة التنفيذية بانتظام نزولاتهم ولقاءاتهم بهم لتبصير الحقائق ومعالجة المشكلات والمنغصات أول بأول وحتى لا تتراكم وتكبر وتصبح شماعة لارتكاب الحماقات والتصرفات الطائشة الخارجة عن القانون والسلوك القويم . [email protected]