ربما أن إيقاع تفاعلات ما يعتمل في واقع الحياة اليومية من حراك متسارع يتطلب مواكبة متناغمة له والتعامل معه بعقلانية وروية بعيداً عن التشنج والتعجل في إصدار الأحكام والمواقف, لاسيما أنه ينشد هدفاً واحداً ومصلحة أيضاً واحدة هي التعايش المشترك والتطوير والإصلاح ومحاربة الفساد بكافة أشكاله وأنواعه .. لكن ثمة أموراً لا تحتاج تلكؤاً في المعالجة أو التردد في وضع الوصفة الناجعة لها التي قد تلجم استفحال داء خطير بدأت نتوءاته تظهر وقد يبدأ بالتمدد رويداً رويداً إذا لم يتم التدخل بصورة عاجلة ومانعة لاستشرائه وانتشاره في الجسم المعافى .. وهذا يتطلب بصورة سريعة وضع حد لحالات التشاكي ونزع فتيل التذمر ومواجهة الأخطاء أينما وجدت والكشف عن بواطن الفساد والعبث والاستهتار بمصالح العباد ومعيشتهم وأمنهم واستقرارهم والإضرار بسمعة الوطن وبحياة الناس أجمعين، فإذا كان ثمة قضايا ومطالب يتوجب العمل على تبنيها ومعالجتها أولاً فأولاً وبصورة لا تحتمل التأجيل أو التعقيد و”يا دار ما دخلك شر”. وحسناً فعلت العديد من قيادات السلطات المحلية في المحافظات وخصوصاً منها في محافظة حضرموت بعقد جملة من اللقاءات الموسعة المفتوحة مع القيادات التنفيذية وممثلين عن فعاليات المجتمع من أحزاب وتنظيمات سياسية ونقابات واتحادات ومؤسسات مدنية وشخصيات اجتماعية وثقافية وتربوية، لقاءات كانت بمثابة ملتقيات للنقاش والحوار حول الكثير من القضايا المتعلقة بالهم الوطني العام أو ما يعتمل على الشأن المحلي على صعيد ضمان استمرارية دوران عجلة التنمية وتحسين مستوى الخدمات أو تعزيز جوانب الشراكة مع المجتمع. كانت لقاءات مثمرة بما تميزت به من حوار إيجابي وحرص مسؤول على تغليب الصالح العام تلاقحت فيها الكثير من الأفكار وتم فيها ملامسة وتشخيص العديد من المواضيع وتحديد جوانب السلب والضعف واقتراح التصورات للمعالجة. إن مثل تلك الملتقيات والحوارات ينبغي انتظام استمرارها وتواصلها مع مختلف القطاعات وفعاليات المجتمع المحلي لما تبثه من روح المسؤولية المشتركة في الحفاظ على ما تحقق من منجزات ومكاسب والعمل على تلافي الأخطاء وتجاوز القصور ويتوجب عدم التبرم منها لاسيما أنها تأتي لتؤكد الرغبة الحقيقية والصادقة على تحقيق وتوسيع المشاركة الشعبية, وفي المقابل لابد من الاستفادة المثلي من عقد مثل تلك الملتقيات الحوارية ونجاح أجندتها في عرض القضايا بمسؤولية ووعي بعيداً عن لغة المناكفات والمزايدات السياسية والتباري في تنميق العبارات وركوب موجة المزاج العام وحركات “نصف كم” أو التراشق اللفظي عقيم الفائدة الذي لا يقدم ولا يؤخر ولا يعالج القضايا بل يزيد الأمور تعقيداً وتفاقماً ويبث روح التثبيط والانكسار والشعور باللامسؤولية. كما أن الضرورة تستدعي تتبع تلك الملاحظات وخلاصات الرؤى المتعددة التي يتم طرحها في تلك اللقاءات وخاصة تلك التي أماطت اللثام عن كثير من أوجه القصور في أداء العديد من المؤسسات بهدف تحسين نشاطها والخدمات التي تقدمها للمواطن وخروجها من النوم السريري الذي هي عليه الآن والدخول في معالجات جادة لتعثر وفشل هذه المرافق والمؤسسات في أداء مسؤولياتها بصورة مكتملة. ولن يكون لذلك الفعل جدوى أو أثر ما لم يتم تعزيز دور ومهام السلطات المحلية بصورة فعلية ومنحها المزيد من الصلاحيات بل الصلاحيات الكاملة من أجل تنشيط الواقع المحلي ووقف العبث والاستهتار بقضايا المواطنين ومحاسبة المقصرين ووضع حد لحالات الانفلات والتسيب الإداري وأولها بطبيعة الحال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعدم السكوت والتغاضي عن الأخطاء مع الصدق والجدية في المعالجة. [email protected]