قضية تابع تفاصيلها/رفيق علي أحمد لم يكن يدرك الأصدقاء الثلاثة «نادر ، رضوان ، محمد» أن نهاية مؤلمة ومتعفنة ستنهي حياتهم التي كانت سعيدة «أو هكذا كانوا يظنونها».. في ليلة الخميس الماضي اجتمع رفيقا العمر نادر ومحمد لقضيا ليلة رائعة في تخزينة قات و سمر و... الخ من النشوة التي كانا يعيشانها وفي ذات الليلة البائسة كانا على وعد مع صديقهما الثالث «رضوان» ليقضيا الأمسية المشئومة سوياً ،لكن القدر المحتوم كان لهم جميعاً بالمرصاد عقب تلك السهرة ليُعثر على جثتيهما متعفنتين داخل المحل الذي كان يعمل فيه نادر ومحمد وجاء إليهما رضوان... العثور على الجثث المتعفنة جاء بالصدفة عند قبيل ظهر يوم السبت الفائت عندما استغرب أصحاب المحلات المجاورة لهم من عدم فتح ذلك المحل الذي اعتادوا أن يفتتح في صبيحة كل يوم عدا الجمعة، ترى كيف تم العثور على هذه الجثث المتعفنة في محل مواد البناء في شارع المصلى بمدنية تعز والمعروف بمحل الروني؟ وكيف كانت بداية اكتشاف القضية؟ اكتشاف الحادثة في البداية أفاق سكان وتجار شارع المصلى بمدينة تعز كالعادة ليفتحوا محلاتهم ويذهبوا إلى أعمالهم واشغالهم كل في مجاله وكان ذلك في صبيحة يوم السبت الماضي وفي صباح نفس اليوم تفاجأ الأهالي والتجار وأصحاب المحلات المجاورة لمحل الروني لمواد البناء.. تفاجأوا حينما رأوا محل الروني المجاور لهم مغلقاً وعلى غير العادة وظنوا في البداية أن هناك ظرفاً طارئاً حدث لهم وسبب لاغلاقه المحل كما قد يحدث لدى أصحاب المحلات الأخرى، لكن عندما كثر المتسائلون والأخذ والرد استغرب الجميع من تأخر فتح المحل إلى قبيل الظهر خصوصاً عندما بحث أحد أصحاب المحلات المجاورة عن العامل الذي يعمل لديه ويُدعى رضوان فلم يجده وعندما سأل أحد أصحاب البوفيهات القريبة قال له إنه رأى رضوان يدخل محل الروني ليلة الخميس الماضي وربما ظل سامراً هناك مع العاملين في محل الروني وهما «نادر المحويتي ومحمد مقبل» وعلى أية حال فعندما كثرت التساؤلات والاستفسارات تجمع بعض المجاورين أمام باب محل الروني فنظروا إلى الباب ولاحظوا أنه ليس مغلقاً من الخارج بقفل ما يثير أكثر من تساؤل وما يبعث على الشك المؤكد باليقين بأن ثمة أشخاصاً في الداخل «محل الروني» سواء أكانوا نياماً أم علقوا أو لأي سبب من الأسباب المهم أن هناك من يقبع في داخل المحل وعندما خلص الناس الذين تجمعوا سريعاً إلى هذه النتيجة حاولوا الخبط والدق على باب المحل مرات عديدة حينها سمع أحدهم صوتاً لشخص من داخل المحل يحاول أن يفتح الباب ثم يسقط على الأرض بقوة يسمعها من في الخارج بوضوح. عندها كان قد زاد تجمع الناس في الخارج وزاد تأكدهم بل ويقينهم بأن من في داخل المحل لايقوون على فتح الباب فبدأ بعض الأشخاص من الخارج بهز الباب وفي الوقت نفسه كان محمد مقبل أحد العمال في المحل يحاول فتح الباب من الداخل ويسقط ويعاود الكرة وهكذا حتى فتح باب المحل حينها رأى الناس العامل محمد مقبل وهو مغمى على الأرض وجثته منتفخة جداً وعلى يديه وجانب من وجهه آثار خبط ربما نتيجة سقوطه المتكرر اثناء محاولاته لفتح الباب. المنظر كان مفاجئاً لمن كانوا هناك في تلك الساعة عند فتح باب المحل وخصوصاً عندما اشتموا رائحة جثث موتى فقام أحدهم وعلى الفور بإسعاف العامل محمد مقبل الذي كان مغشياً عليه ومتورماً وفي حالة يرثى لها بين الحياة والموت وواصل الأشخاص الذين اسهموا في فتح الباب في دخولهم إلى مختلف انحاء المحل ليفاجأوا بوجود جثتين متعفنتين وقد فارق صاحباهما الحياة حينها وقف الجميع مذهولين ليبلغوا الأجهزة الأمنية التي وعلى الفور حضرت وطوقت المكان وأبعدت في البداية الأشخاص المتجمهرين أو المتجمعين هناك. إجراءات أمنية عند وصول الأجهزة الأمنية المختصة إلى هناك باشرت كما أسلفنا في الشروع بتطويق المكان وتحريز كافة المضبوطات بما فيها الأدوات التي كانت في المحل كما شوهدت أجهزة المعمل الجنائي والمختبر الجنائي بالقيام بدورها بالتصوير للجثتين على الوضعية التي كانتا عليها ولعل دور البحث الجنائي ورجال الأمن هناك بصورة فاعلة جهد من الانصاف أن يشار إليه بالبنان حتى ولو كان ذلك من واجبهم. وعلى أية حال أخذت الجثتان المتعفنتان إلى ثلاجة مستشفى الثورة العام بتعز وأسعف الشخص الثالث إلى المشفى سريعاً.. واثناء مباشرة رجال الأمن والبحث الجنائي لمهامهم كان لنا لقاء عاجل مع العقيد محمد الطيار رئيس قسم مكافحة جرائم الاعتداء والقتل بالبحث الجنائي بمحافظة تعز والذي قال: لقد باشرنا عند تلقينا البلاغ عن الحادثة التحقيقات والإجراءات الأمنية اللازمة والأشخاص الذين تم العثور عليهم داخل المحل هم «محمد مقبل وهو في حالة غيبوبة حالياً وشخصان آخران متوفيان وهما «نادر المحويتي، ورضوان محمد عبدالله» وجثتاهما كانتا متعفنتين وفي المحل إلى الداخل بينما الشخص الأول كان في القرب من باب المحل.. ولا نستطيع الحكم المسبق على سبب الوفاة والتورم على الجثث لكن اعتقد وعلى مايبدو أن هناك مادة سامة هي التي تسببت في حالتي الوفاة وفي حالة الغيبوبة للشخص الثالث والذي رغم أنه لم يفارق الحياة بعد إلا أنه وجد أيضاً متورماً وحتى هذه اللحظة.. وعموماً فنحن نباشر التحقيقات وجمع الاستدلالات والقضية محل اهتمام ومتابعة مباشرة من قبل الأخ العميد الركن يحيى الهيصمي مدير أمن محافظة تعز الذي يتابع كافة القضايا أولاً بأول وكذا من قبل الأخ العقيد منير الجندي مدير عام البحث الجنائي بالمحافظة الذي هو الآخر يقوم بجهود جبارة ومتابعة حثيثة في التوصل إلى النتائج السليمة سواءً في هذه القضية أم أي قضية أخرى ونعمل معه بروح الفريق الواحد. وبالنسبة للآثار التي جعلتنا نستنتج أن هناك مادة سامة تسببت في الوفاة فهي أن هناك آثار رغوة على أنفي الجثتين إضافة إلى أن المحل نفسه هو محل مواد بناء علاوة إلى اسباب أخرى !! أما عن الشخص الناجي من الحادثة فهو في حالة غيبوبة وجسمه متورم وتارة يفيق وتارة يعود إلى غيبوبته ولا نعلم إلى ما سوف تؤول حالته الصحية لاحقاً.. وعلى كلٍ فنحن مستمرون في الإجراءات القانونية وإن شاء الله عما قريب سيتم الكشف عن كافة تفاصيل هذه الحادثة. لقاء مع الناجي الوحيد «الإنسان» حاول مراراً اللقاء مع الناجي الوحيد من الحادثة وهو محمد مقبل 22 سنة إلا أن سوء حالته الصحية حال دون ذلك باستثناء مرة واحدة فاق فيها وبالكاد تحدث بكلمات قال فيها: لقد قضينا سهرة سوياً نحن الثلاثة أنا ورضوان ونادر ليلة الخميس وكنا نمضغ القات في تلك الليلة وشعرت بدوار ولم أدر ما الذي حدث وعندما سمعت احد الأشخاص يدق الباب كنت أحاول فتح الباب وأصيح وأنادي صديقي فلم يجيباني وكنت أحاول فتح الباب فلم استطع بسبب الدوار الشديد وأعود لأسقط على الأرض وهكذا كل مرة أحاول فيها فتح الباب من داخل المحل.. ولا أدري بأن صديقيي قد توفيا إلا في المستشفى. استنتاج طبيعي وبعد أن اجرينا اللقاء السريع العابر مع الناجي الوحيد من الحادثة ربما صار من البديهي والمنطقي جداً لكل من تابع تفاصيل هذه القضية أن يستنتج أن هناك مادة ملوثة أو سامة أو ماشابه ذلك هو الذي أدى إلى وفاة نادر ورضوان وإلى غيبوبة محمد مقبل الناجي الوحيد .. وصار هذا الاستنتاج هو الاستنتاج الطبيعي جداً على الأقل حتى هذه اللحظة ولنا لقاء حين تكشف وتتضح خيوط وتفاصيل أخرى.