لم يجتمع اليمنيون خلال السنوات الخمس الأخيرة حول قضية كما اجتمعوا حول قضية الشيخ المؤيد ومرافقه زائد، وقد جسد هذا الاجماع الاستقبال الحافل الذي حظي به الشيخ ومرافقه من قبل الآلاف الذين خرجوا منذ الصباح الباكر إلى مطار صنعاء الدولي.. وجاء استقبال الأخ الرئيس علي عبدالله صالح له ظهر أمس ليؤكد هذا الاجماع حول هذه القضية التي كشفت القناع عن عمق العداوة التي يكنها بعض الساسة الغربيين للإسلام والتي غذاها الإعلام الغربي المسيطر عليه من قبل الصهيونية العالمية وظل لسنوات طوال وهو يرسم ويخطط لتشويه الإسلام والمسلمين حتى ترسخت لدى الجمهور الغربي صورة نمطية للمسلمين عموماً وللعرب خصوصاً، انحصرت في كون هؤلاء يمثلون الخطر الحقيقي على البشرية وأنهم يمارسون الإرهاب لمجرد الإرهاب ودون تمييز، وأنهم العدو البديل بعد سقوط المنظومة الاشتراكية ممثلة بالاتحاد السوفيتي. وقد ركزت المخابرات الأمريكية وفقاً لسياستها لمحاربة الإسلام باعتباره العدو البديل لمؤسسات الدعوة الإسلامية ودعاتها، فهذه المؤسسات تمثل من وجهة نظرهم محاضن أساسية لرعاية وتنشئة الإرهابيين، وفي سبيل ذلك ضغطت الحكومة الأمريكية بعد أحداث سبتمبر على كثير من الحكومات للتخلص من هذه المؤسسات فأغلقت الكثير من المؤسسات الدعوية الخيرية التي كانت تقدم لفقراء المسلمين وضحايا الحروب العون على استمرار الحياة وكان من نتائج ذلك تأثر العمل الخيري والدعوي سلباً بهذه الإجراءات وأصبحت تهمة الإرهاب جاهزة لمن تسول له نفسه مساعدة الفلسطينيين على تجاوز كوارثهم التي تلحقها بهم اسرائيل وصار الجهاد بالمال جريمة لاتغتفر، ناهيك عن الجهاد بالنفس، ومن ضمن الذين دفعوا ثمن مساعدتهم للفقراء الشيخ المؤيد ومرافقه محمد زائد فقد كانت مشاريعه الخيرية ومساعدته للفقراء من أبناء المسلمين تقضّ مضاجع أعداء الأمة وكذا كل عمل خيري، لذا فقد تم استدراجه إلى ألمانيا أولاً ثم إلى أمريكا بواسطة عميل مخابرات وحكم عليه بالسجن «75» سنة وعلى مرافقه «45» سنة وانقطعت كل الأسباب وانقطع باب الرجاء إلا من الله عز وجل الذي أقر أعيننا وعين الشيخ في العقوبة العاجلة لذلك العميل الذي نقلت كل وسائل الإعلام صورته وهو يتلوى من الألم بسبب الحريق الذي أشعله في نفسه احتجاجاً على عدم صرف مكافأته التي تبلغ 100.000 دولار أمريكي، ثم إن لطف الله عز وجل لحق الشيخ ومرافقه حين ذهبت الإدارة السابقة المتطرفة غير مأسوف عليها، وجاءت الإدارة الأمريكية الجديدة التي تسعى كما هو ملاحظ إلى مد جسور الثقة بينها وبين العالم الإسلامي ثم كانت جهود الحكومة اليمنية والرئيس شخصياً وأيضاً دعاء الفقراء والأيتام الذين كان الشيخ يكفلهم ومن أجلهم سُجن.. إن في قصة الشيخ المؤيد عبرة لمن يعتبر، فالله سبحانه وتعالى لايترك من يعمل في سبيله، والابتلاء بالسجن هو جزء من التكريم بمزيد الأجر والثواب فقد سجن يوسف عليه السلام وهو بريء مدة قريبة من سجن المؤيد. ومن الغريب أن المحكمة الأمريكية حكمت على الشيخ بالسجن«75» سنة ولكنه خرج بعد سبع سنين فهي في السجن سبع وفي الأجر سبعين إن شاء الله، والتسوية التي تبدو بوضوح أنها تمت لتجنيب الولاياتالمتحدة الاعتذار عن هذا الجرم الذي حاق بالشيخ والتي توجب عليه الاعتراف بدعم حماس هي من السخف والسذاجة بمكان، فالتهمة لا يجرمها الشرع والقانون اليمني بل يحث عليها وبذلك أصبحت بالنسبة له وساماً عالي المرتبة على صدره. فالحرب القذرة باسم الإرهاب لم تستثن أحد من المسلمين وكذا لم تستثن أي قطاع أو نشاط فلم يقتصر على القطاع الدعوي بل امتد إلى الاعلام وقد دفع كل من تيسير علوني وسامي الحاج ثمناً قريباً من الثمن الذي دفعه المؤيد ورفيقه، والأعجب أن السفير الأمريكي في دولة عربية أخرج سنداً لأحد التجار كان قد دفع بموجبه تبرعاً للفلسطينيين مائة ألف، ولمح له أن هذا الدعم يعتبر دعماً للإرهاب ولم أعلم ان أحداً احتج على المنظمات اليهودية الصهيوينة التي تدعم اسرائيل وارهابها ضد الفلسطينيين فهناك أكثر من «73» منظمة تدعم اسرائيل وتجمع التبرعات لها وعلى رأس ذلك منظمة «AIBEC» أيباك. لكننا نتفاءل بعودة المؤيد وزائد إلى الوطن في أن تكون مقدمة لعودة العمل الخيري الاسلامي الذي تضرر كثيراً بالاجراءات التي اتخذتها أمريكا وبعض الدول الاسلامية بدعوى ممارسة الإرهاب. فأهلاً وسهلاً بعودة الشيخ ورفيقه والسنوات السبع العجاف سيذهب أثرها وسيبقى أجرها بإذن الله.